وبعضهم التضمين ذكر في الأصل أن لهم ذلك وقال الحسن بن زياد انه ليس لهم ذلك الا أن يعتقوا أو يستسعوا أو يضمنوا والظاهر أنه رواية عن أبي حنيفة لان الاعتاق عند الحسن لا يتجزأ كما لا يتجزأ عند أبي يوسف ومحمد فلا يصح هذا التفريع على مذهبه وجه ما ذكر في الأصل ان نصيب الشريك قد بقي على ملكه عند أبي حنيفة لتجزئ الاعتاق عنده وقد انتقل نصيبه إلى الورثة بموته فصاروا كالشركاء في الأصل في العبد أعتق أحدهم نصيبه ان للباقين أن يختار كل واحد منهم ما يشاء كذا هذا وجه رواية الحسن ان الورثة انتقل إليهم ما كان للميت وما كان له أن يختار الضمان في البعض والسعاية في البعض فكذا لهم ولان المستسعى بمنزلة المكاتب عند أبي حنيفة ومن كاتب عبده ثم مات ليس لورثته أن ينفردوا بأن يختار بعضهم الاعتاق وبعضهم التضمين وبعضهم الاستسعاء بل ليس لهم الا أن يجتمعوا على شئ واحد اما العتق واما الضمان كذا هذا ثم على رواية الحسن لو أعتق بعضهم كان اعتاقه باطلا ما لم يجتمعوا على الاعتاق لان المستسعى كالمكاتب على أصل أبي حنيفة ولو مات المولى فأعتق بعض الورثة المكاتب كان اعتاقه باطلا ما لم يجتمعوا عليه كذا هذا فإذا اجتمعوا على عتقه يعتق بلا خلاف والولاء يكون للميت حتى ينتقل إلى الذكور من ورثته دون الإناث وهو فائدة كونه للميت لان من أصل أبي حنيفة ان المعتق بعضه في معنى المكاتب والمكاتب لا ينتقل فيه بالإرث فكان ولاؤه للميت كذا هذا وإذا كان المعتق موسرا يوم أعتقه فاختار الشريك تضمينه ثم أراد أن يرجع عن ذلك ويختار السعاية ذكر في الأصل أنه ليس له ذلك ولم يفصل بين ما إذا رضى المعتق بالضمان أو حكم به الحاكم أو لم يرض به المعتق أو حكم به الحاكم وروى ابن سماعة عن محمد ان له ذلك ما لم يقبل المعتق منه لتضمين أو يحكم به الحاكم فان قبل أو حكم به الحاكم فليس له ذلك من المشايخ من لم يجعل في المسألة اختلاف الرواية وجعل ما ذكره ابن سماعة عن محمد من التفصيل تفسيرا لما ذكره في ظاهر الرواية واليه ذهب الجصاص وقال أراد بما ذكر في الكتاب إذا قضى به القاضي أو رضى به الشريك وحكى عن الكرخي والجصاص أنهما جعلا مسألة الغاصب وغاصب الغاصب على هذا أنه اختار المغصوب منه تضمين أحدهما ثم بدا له واختار تضمين الآخر فله ذلك الا أن يرضى به المضمن أو يقضى به القاضي ومنهم من جعل في المسألة روايتين وجه ما ذكر في الأصل ان له خيار التضمين وخيار السعاية والمخير بين شيئين إذا اختار أحدهما سقط حقه من الآخر فكان اختياره التضمين ابراء للعبد عن السعاية ولهذا لو اختيار السعاية لم يكن له أن يختار الضمان وكانت نفس اختيار السعاية ابراء له عن الضمان من غير قضاء ولا رضا كذا إذا اختار الضمان وجه رواية ابن سماعة ان اختيار الشريكين تضمين المعتق ايجاب الملك له في المضمون بعوض وهو الضمان وذلك لا يتم الا بالرضا أو بالقضاء فما لم يوجد أحدهما لا يتم له الاختيار وكان له الرجوع عنه إلى السعاية بخلاف ما إذا اختار الشريك السعاية أنه لا يكون له خيار التضمين بعد ذلك رضى بذلك العبد أو لم يرض لان اختيار السعاية على العبد ليس فيه ايجاب الملك للعبد بعوض حتى يقف ذلك على رضاه فلا يقف عليه فان أعتق أحدهما نصيب صاحبه لم يعتق منه شئ أما على أصل أبي حنيفة فظاهر لان العتق يتجزأ فيقتصر العتق على نصيب المعتق فإذا صادف ملك غيره لم ينفذ وأما على أصلهما فالعتق وإن كان لا يتجزأ لكن لابد من ثبوت العتق فنصيبه ثم يسرى إلى نصيب شريكه فإذا أضاف الاعتاق إلى نصيب شريكه لم يثبت العتق في نصيب نفسه فلا يتعدى إلى نصيب الشريك وإن كان المعتق جارية حاملا لا يضمن المعتق من قيمة الولد شيئا لان الحمل بمنزلة طرف من أطرافها والأطراف بمنزلة الأوصاف والأوصاف لا تفرد بالضمان الا بعد وجود سبب وجوب الضمان فيها مقصودا ولان الحمل في الآدمية نقصان فكيف يلزمه بنقصان المتلف زيادة ضمان وكذلك كل حمل يعتق أمه إذا كان المعتق مالكهما كما في الرهن وان لم يكن مالكا للولد كما في الجارية الموصى برقبتها لرجل وبحملها لآخر فأعتق صاحب الرقبة الام يعتق الحمل ويضمن قيمته لصاحبه لان الولد انفرد عن الام في الملك فجاز أن ينفرد بالضمان وإن كان العبد بين جماعة فاعتق أحدهما نصيبه فاختار بعض الشركاء الضمان وبعضهم السعاية
(٩٤)