بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٩٤
وبعضهم التضمين ذكر في الأصل أن لهم ذلك وقال الحسن بن زياد انه ليس لهم ذلك الا أن يعتقوا أو يستسعوا أو يضمنوا والظاهر أنه رواية عن أبي حنيفة لان الاعتاق عند الحسن لا يتجزأ كما لا يتجزأ عند أبي يوسف ومحمد فلا يصح هذا التفريع على مذهبه وجه ما ذكر في الأصل ان نصيب الشريك قد بقي على ملكه عند أبي حنيفة لتجزئ الاعتاق عنده وقد انتقل نصيبه إلى الورثة بموته فصاروا كالشركاء في الأصل في العبد أعتق أحدهم نصيبه ان للباقين أن يختار كل واحد منهم ما يشاء كذا هذا وجه رواية الحسن ان الورثة انتقل إليهم ما كان للميت وما كان له أن يختار الضمان في البعض والسعاية في البعض فكذا لهم ولان المستسعى بمنزلة المكاتب عند أبي حنيفة ومن كاتب عبده ثم مات ليس لورثته أن ينفردوا بأن يختار بعضهم الاعتاق وبعضهم التضمين وبعضهم الاستسعاء بل ليس لهم الا أن يجتمعوا على شئ واحد اما العتق واما الضمان كذا هذا ثم على رواية الحسن لو أعتق بعضهم كان اعتاقه باطلا ما لم يجتمعوا على الاعتاق لان المستسعى كالمكاتب على أصل أبي حنيفة ولو مات المولى فأعتق بعض الورثة المكاتب كان اعتاقه باطلا ما لم يجتمعوا عليه كذا هذا فإذا اجتمعوا على عتقه يعتق بلا خلاف والولاء يكون للميت حتى ينتقل إلى الذكور من ورثته دون الإناث وهو فائدة كونه للميت لان من أصل أبي حنيفة ان المعتق بعضه في معنى المكاتب والمكاتب لا ينتقل فيه بالإرث فكان ولاؤه للميت كذا هذا وإذا كان المعتق موسرا يوم أعتقه فاختار الشريك تضمينه ثم أراد أن يرجع عن ذلك ويختار السعاية ذكر في الأصل أنه ليس له ذلك ولم يفصل بين ما إذا رضى المعتق بالضمان أو حكم به الحاكم أو لم يرض به المعتق أو حكم به الحاكم وروى ابن سماعة عن محمد ان له ذلك ما لم يقبل المعتق منه لتضمين أو يحكم به الحاكم فان قبل أو حكم به الحاكم فليس له ذلك من المشايخ من لم يجعل في المسألة اختلاف الرواية وجعل ما ذكره ابن سماعة عن محمد من التفصيل تفسيرا لما ذكره في ظاهر الرواية واليه ذهب الجصاص وقال أراد بما ذكر في الكتاب إذا قضى به القاضي أو رضى به الشريك وحكى عن الكرخي والجصاص أنهما جعلا مسألة الغاصب وغاصب الغاصب على هذا أنه اختار المغصوب منه تضمين أحدهما ثم بدا له واختار تضمين الآخر فله ذلك الا أن يرضى به المضمن أو يقضى به القاضي ومنهم من جعل في المسألة روايتين وجه ما ذكر في الأصل ان له خيار التضمين وخيار السعاية والمخير بين شيئين إذا اختار أحدهما سقط حقه من الآخر فكان اختياره التضمين ابراء للعبد عن السعاية ولهذا لو اختيار السعاية لم يكن له أن يختار الضمان وكانت نفس اختيار السعاية ابراء له عن الضمان من غير قضاء ولا رضا كذا إذا اختار الضمان وجه رواية ابن سماعة ان اختيار الشريكين تضمين المعتق ايجاب الملك له في المضمون بعوض وهو الضمان وذلك لا يتم الا بالرضا أو بالقضاء فما لم يوجد أحدهما لا يتم له الاختيار وكان له الرجوع عنه إلى السعاية بخلاف ما إذا اختار الشريك السعاية أنه لا يكون له خيار التضمين بعد ذلك رضى بذلك العبد أو لم يرض لان اختيار السعاية على العبد ليس فيه ايجاب الملك للعبد بعوض حتى يقف ذلك على رضاه فلا يقف عليه فان أعتق أحدهما نصيب صاحبه لم يعتق منه شئ أما على أصل أبي حنيفة فظاهر لان العتق يتجزأ فيقتصر العتق على نصيب المعتق فإذا صادف ملك غيره لم ينفذ وأما على أصلهما فالعتق وإن كان لا يتجزأ لكن لابد من ثبوت العتق فنصيبه ثم يسرى إلى نصيب شريكه فإذا أضاف الاعتاق إلى نصيب شريكه لم يثبت العتق في نصيب نفسه فلا يتعدى إلى نصيب الشريك وإن كان المعتق جارية حاملا لا يضمن المعتق من قيمة الولد شيئا لان الحمل بمنزلة طرف من أطرافها والأطراف بمنزلة الأوصاف والأوصاف لا تفرد بالضمان الا بعد وجود سبب وجوب الضمان فيها مقصودا ولان الحمل في الآدمية نقصان فكيف يلزمه بنقصان المتلف زيادة ضمان وكذلك كل حمل يعتق أمه إذا كان المعتق مالكهما كما في الرهن وان لم يكن مالكا للولد كما في الجارية الموصى برقبتها لرجل وبحملها لآخر فأعتق صاحب الرقبة الام يعتق الحمل ويضمن قيمته لصاحبه لان الولد انفرد عن الام في الملك فجاز أن ينفرد بالضمان وإن كان العبد بين جماعة فاعتق أحدهما نصيبه فاختار بعض الشركاء الضمان وبعضهم السعاية
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222