ذلك عذرا في بقاء الإجارة وهذا معنى قولهم إن الإجارة كما تفسخ بالعذر تبقى بالعذر وقالوا فيمن اكترى إبلا إلى مكة ذاهبا وجائيا فمات الجمال في بعض الطريق فللمستأجر أن يركبها إلى مكة أو يحمل عليها وعليه المسمى لان الحكم بانفساخ الإجارة في الطريق إلحاق الضرر بالمستأجر لأنه لا يجد ما يحمله ويحمل قماشه وإلحاق الضرر بالورثة إذا كانوا غيبا لان المنافع تفوت من غير عوض فكان في استيفاء العقد نظر من الجانبين فإذا وصل إلى مكة رفع الامر إلى الحاكم لأنه لا ضرر عليه في فسخ الإجارة عند ذلك لأنه يقدر على أن يستأجر من جمال آخر ثم ينظر الحاكم في الأصلح فان رأى بيع الجمال وحفظ الثمن للورثة أصلح فعل ذلك وان رأى امضاء الإجارة إلى الكوفة أصلح فعل ذلك لأنه نصب ناظرا محتاطا وقد يكون أحد الامرين أحوط فيختار ذلك قالوا والأفضل إذا كان المستأجر ثقة ان يمضى القاضي الإجارة والأفضل إذا كان غير ثقة ان يفسخها فان فسخها وقد كان المستأجر عجل الأجرة سمع القاضي بينته عليها وقضاه من ثمنها لان الإجارة إذا انفسخت فللمستأجر امساك العين حتى يستوفى جميع الأجرة وقام القاضي مقام الغائب فنصب له خصما وسمع عليه البينة ولو مات أحد ممن وقع له عقد الإجارة قبل انقضاء المدة وفى الأرض المستأجرة زرع لم يستحصد يترك ذلك في الأرض إلى أن يستحصد ويكون على المستأجر أو على ورثته ما سمى من الاجر لان في الحكم بالانفساخ وقلع الزرع ضررا بالمستأجر وفى الابقاء من غير عوض ضررا بالوراث ويمكن توفير الحقين من غير ضرر بابقاء الزرع إلى أن يستحصد بالاجر فيجب القول به وإنما وجب المسمى استحسانا والقياس ان يجب اجر المثل لأن العقد انفسخ حقيقة بالموت وإنما بقيناه حكما فأشبه شبهة العقد واستيفاء المنافع بشبهة العقد توجب اجر المثل كما لو استوفاها بعد انقضاء المدة وجه الاستحسان التسمية تناولت هذه المدة فإذا مست الضرورة إلى الترك بعوض كان ايجاب العوض المسمى أولى لوقوع التراضي بخلا ف الترك بعد انقضاء المدة لان التسمية لم تتناول ما بعد انقضاء المدة فتعذر ايجاب المسمى فوجب اجر المثل ومنها هلاك المستأجر والمستأجر فيه لوقوع اليأس عن استيفاء المعقود عليه بعد هلاكه فلم يكن في بقاء العقد فائدة حتى لو كان المستأجر عبدا أو ثوبا أو حليا أو ظرفا ودابة معينة فهلك أو هلك الثوب المستأجر فيه للخياطة وللقصارة بطلت الإجارة لما قلنا وإن كانت الإجارة على دواب بغير أعيانها فسلم إليه دواب فقبضها فماتت لا تبطل الإجارة وعلى المؤاجر ان يأتيه بغير ذلك لأنه هلك ما لم يقع عليه العقد لان الدابة إذا لم تكن معينة فالعقد يقع على منافع في الذمة وإنما تسلم العين ليقيم منافعها مقام ما في ذمته فإذا هلك بقي ما في الذمة بحاله فكان عليه ان يعنين غيرها وقد ذكرنا اختلاف إشارة الروايات في الدار إذا انهدم كلها أو انقطع الماء عن الرحى أو الشرب من الأرض ان الإجارة تنفسخ أو يثبت حق الفسخ فيما تقدم وعلى هذا أيضا يخرج موت الظئر ان الإجارة تبطل به لأنها مستأجرة ومنها انقضاء المدة الا لعذر لان الثابت إلى غاية ينتهى عند وجود الغاية فتنفسخ الإجارة بانتهاء المدة الا إذا كان ثمة عذر بان انقضت المدة وفى الأرض زرع لم يستحصد فإنه يترك إلى أن يستحصد بأجر المثل بخلاف ما إذا انقضت المدة وفى الأرض رطبة أو غرس انه يؤمر بالقلع لان في ترك الزرع إلى أن يدرك مراعاة الحقين والنظر من الجانبين لان لقطعه غاية معلومة فأما الرطبة فليس لقطعها غاية معلومة فلو لم تقطع لتعطلت الأرض على صاحبها فيتضرر به وبخلاف الغاصب إذا زرع الأرض المغصوبة انه يؤمر بالقلع ولا يترك إلى وقت الحصاد بالاجر لان الترك في الإجارة لدفع الضرر عن المستأجر نظر له وهو مستحق للنظر لأنه زرع بإذن المالك فاما الغاصب فظالم متعدي في الزرع فلا يستحق النظر بالترك مع ما انه هو الذي أضر بنفسه حيث زرع أراضي غيره بغير حق فكان مضافا إليه ومنها عجز المكاتب بعد ما استأجر شيئا انه يوجب بطلان الإجارة بلا خلاف لان الأجرة استحقت من كسب المكاتب وبالعجز يبطل كسبه فتبطل الإجارة إذ لا سبيل الا ايجابها من مال المولى فان عجز بعد ما استأجر فالإجارة باقية في قول أبى يوسف وقال محمد تبطل والكلام فيه راجع إلى أصل نذكره في كتاب الهبة في كيفية ملك المولى كسب المكاتب عند عجزه ان عند أبي
(٢٢٣)