لم يحتسب له بما أنفع لأنه أصلح ملك غيره بغير أمره ولا ولاية عليه فكان متبرعا وقبض المستأجر على المؤاجر حتى لو استأجر دابة ليركبها في حوائجه في المصر وقتا معلوما فمضى الوقت فليس عليه تسليمها إلى صاحبها بأن يمضى بها إليه وعلى الذي أجرها ان يقبض من منزل المستأجر لان المستأجر وان انتفع بالمستأجر لكن هذه المنفعة إنما حصلت له بعوض حصل للمؤجر فبقيت العين أمانة في يده كالوديعة ولهذا لا يلزمه نفقتها فلم يكن عليه ردها كالوديعة حتى ولو أمسكها أياما فهلكت في يده لم يضمن شيئا سواء طلب منه المؤاجر أم لم يطلب لأنه لم يلزمه الرد إلى بيته بعد الطلب فلم يكن متعديا في الامساك فلا يضمن كالمودع إذا امتنع عن رد الوديعة إلى بيت المودع حتى هلكت وهذا بخلاف المستعار ان رده على المستعير لان نفعه له على الخلوص فكان رده عليه لقوله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان ولهذا كانت نفقته عليه فكذا مؤنة الرد فإن كان استأجرها من موضع مسمى في المصر ذاهبا وجائيا فان على المستأجر ان يأتي بها إلى ذلك الموضع الذي قبضها فيه لا لان الرد واجب عليه بل لأجل المسافة التي تناولها العقد لان عقد الإجارة لا ينتهى الا برده إلى ذلك الموضع فان حملها إلى منزله فامسكها حتى عطبت ضمن قيمتها لأنه تعدى في حملها إلى غير موضع العقد فان قال المستأجر اركبها من هذا الموضع إلى موضع كذا وارجع إلى منزلي فليس على المستأجر ردها إلى منزل المؤاجر لأنه لما عاد إلى منزله فقد انقضت مدة الإجارة فبقيت أمانة في يده ولم يتبرع المالك بالانتفاع بها فلا يلزم ردها كالوديعة وليس للظئر ان تأخذ صبيا آخر فترضعه مع الأول فان أخذت صبيا آخر فأرضعته مع الأول فقد أساءت واثمت إن كانت قد أضرت بالصبي ولها الاجر على الأول والاخر (أما) الاثم فلانه قد استحق عليها كمال الرضاع ولما أرضعت صبيين فقد أضرت بأحدهما لنقصان اللبن (وأما) استحقاق الأجرة فلان الداخل تحت العقد الارضاع مطلقا وقد وجد وللمسترضع ان يستأجر ظئرا آخر لقوله عز وجل وان أردتم ان تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما أتيتم بالمعروف نفى الجناح عن المسترضع مطلقا فان أرضعته الأخرى فلها الاجرى أيضا فان استأجرت الظئر ظئر أخرى فأرضعته أو دفعت الصبي إلى جاريتها فأرضعته فلها الاجر استحسانا والقياس أن لا يكون لها الاجر وجه القياس ان العقد وقع على عملها فلا تستحق الاجر بعمل غيرها كمن استأجر أجيرا ليعمل بنفسه فامر غيره فعمل لم يستحق الأجرة فكذا هذا وجه الاستحسان ان ارضاعها قد يكون بنفسها وقد يكون بغيرها لان الانسان تارة يعمل بنفسه وتارة بغيره ولان الثانية لما عملت بأمر الأولى وقع عملها للأولى فصار كأنها عملت بنفسها هذا إذا أطلق فاما إذا قيد ذلك بنفسها ليس لها تسترضع أخرى لأن العقد أوجب الارضاع بنفسها فان استأجرت أخرى فأرضعته لا تستحق الاجر كما قلنا في الإجارة على الاعمال وليس للمسترضع ان يحبس الظئر في منزله إذا لم يشترط ذلك عليها ولها ان تأخذ الصبي إلى منزلها لان المكان لم يدخل تحت العقد وليس على الظئر طعام الصبي ودواؤه الآن ذلك لم يدخل في العقد وما ذكره في الأصل ان على الظئر ما يعالج به الصبيان من الريحان والدهن فذلك محمول على العادة وقد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها في العقود انها تحمل على عادة كل بلد حتى قالوا فيمن استأجر رجلا يضرب له لبنا ان الزنبيل والملبن علي صاحب اللبن وهذا على عادتهم وقالوا فيمن استأجر على حفر قبر ان حثى التراب عليه إن كان أهل تلك البلاد يتعاملون به وتشريج اللبن علي اللبان واخراج الخبز من التنور على الخباز لان ذلك من تمام العمل وقالوا في الخياط ان السلوك عليه لان عادتهم جرت بذلك وقالوا في الدقيق الذي يصلح به الحائك الثوب انه على صاحب الثوب فإن كان أهل بلد تعاملوا بخلاف ذلك فهو على ما يتعاملون وقالوا في الطباخ إذا استأجر في عرس ان اخراج المرق عليه ولو طبخ قدرا خاصة ففرغ منها فله الاجر وليس عليه من اخراج المرق شئ وهو مبنى على العادة يختلف باختلاف العادة وقالوا فيمن تكارى دابة يحمل عليها حنطة إلى منزله فلما انتهى إليه أراد صاحب الحنطة ان يحمل المكارى ذلك فيدخله منزله وأبى المكارى قالوا قال أبو حنيفة عليه ما يفعله الناس ويتعاملون عليه
(٢٠٩)