المغصوب فكان للمالك أن يضمنه كالغاصب وله أن يأخذ الخف لأن ولاية التضمين تثبت لحق لمالك فإذا رضى بالاخذ كان له ذلك وإذا أخذ أعطاه اجر مثله لأنه مأذون في العمل وقد اتى بأصل العمل وإنما خالف في الصفة فله ان يختاره ويعطيه اجر المثل ولا يعطيه المسمى لان ذلك بمقابلة عمل موصوف ولم يأت بالصفة ويعطيه ما زاد النعل لأنه عين مال قائم للخفاف فصار بمنزلة الصبغ في الثوب وإنما جعل الاختيار في هذه المسائل إلى صاحب الخف والثوب لأنه صاحب متبوع والنعل والصبغ تبع فكان اثبات الخيار لصاحب الأصل أولى وإن كان يفعل بمثله الخفاف فهو جائز وان لم يكن جيدا لان الاذن يتناول أدنى ما يقع عليه الاسم وقد وجد ولو شرط عليه جيدا فانعله بغير جيد فان شاء ضمنه قيمة الخف وان شاء اخذ الخف وأعطاه اجر مثل عمله وقيمة ما زاد فيه ولا يجاوز به ما سمى لان الردئ من جنس الجيد ويثبت الخيار لفوات الوصف المشروط وإن كان الخلاف في القدر نحو ما ذكر محمد في الأصل في رجل دفع غزلا إلى حائك ينسجه له سبعا في أربع فخالف بالزيادة أو بالنقصان فان خالف بالزيادة على الأصل المذكور فان الرجل بالخيار ان شاء ضمنه مثل غزله وسلم الثوب وان شاء أخذ الثوب وأعطاه الاجر المسمى أما ثبوت الخيار فلانه لم يحصل له غرضه لان الزيادة في قدر الذراع توجب نقصانا في الصفة وهي الصفاقة فيفوت غرضه فيثبت له الخيار وان شاء ضمنه مثل غزله لتعديه عليه بتفويت منفعة مقصودة وان شاء أخذه وأعطاه الاجر الذي سماه لأنه أتى بأصل العمل الذي هو معقود عليه وإنما خالف في الصفة والخلاف في صفة العمل لا يخرج العمل من أن يكون معقودا عليه كمن اشترى شيئا فوجده معيبا حتى كان له أن يأخذه مع العيب وإن كان الخلاف في النقصان ففيه روايتان ذكر في الأصل ان له أن يأخذه ويعطيه من الاجر بحسابه وذكر في رواية أخرى ان عليه أجر المثل وجه هذه الرواية انه لما نقص في القدر فقد فوت الغرض المطلوب من الثوب فصار كأنه عمل بحكم إجارة فاسدة ليس فيها أجر مسمى وجه رواية الأصل ان العقد وقع على عمل مقدر ولم يأت بالمقدر فصار كما لو عقد على نقل كر من طعام إلى موضع كذا بدرهم فنقل بعضه انه يستحق من الاجر بحسابه فكذا ههنا وان أوفاه الوصف وهو الصفاقة والذراع وزاد فيه فقد روى هشام عن محمد أن صاحب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه مثل غزله وصار الثوب للصانع وان شاء أخذ الثوب وأعطاه المسمى ولا يزيد للذراع الزائد شيئا أما ثبوت الخيار فلتغير الصفة إذ الانسان قد يحتاج إلى الثوب القصير ولا يحتاج إلى الطويل فيثبت له الخيار ولأنه إذا زاد في طوله فقد استكثر من الغزل فان أخذه فلا أجر له في الزيادة لأنه مقطوع فيها حيث عملها بغير اذن صاحب الثوب فكان متبرعا فلا يستحق الاجر عليها وذكر في الأصل إذا أعطى صباغا ثوبا ليصبغه بعصفر ربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز عصفر وأقر رب الثوب بذلك فان رب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة ثوبه وان شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد العصفر فيه مع الاجر وذكر القدوري ان مشايخنا ذكروا تفصيلا فقالوا إن هذا على وجهين إن كان صبغه أولا بربع الهاشمي ثم صبغه بثلاثة أرباع القفيز فصاحب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة ثوبه وان شاء أخذه وأعطاه الاجر المسمى وما زاد لثلاثة أرباع القفيز في الثوب لأنه لما أفرده بالصبغ المأذون فيه أولا وهو ربع الهاشمي فقد أوفاه المعقود عليه وصار متعديا بالصبغ الثاني كأنه غصب ثوبا مصبوغا بالربع ثم صبغه بثلاثة أرباع فيثبت له الخيار ان شاء أخذ الثوب وأعطاه المسمى لأنه سلم له الصبغ المعقود عليه فيلزمه المسمى ويعطيه ما زاد الصبغ الثاني فيه لأنه عين مال قائمة للصباغ في الثوب وان شاء ضمنه قيمة الثوب مصبوغا بربع القفيز ووجب له الاجر لان الصبغ في حكم المقبوض من وجه لحصوله في ثوبه لكن يكمل القبض فيه لأنه لم يصل إلى يده فكان مقبوضا من وجه دون وجه فكان له فسخ القبض لتغير الصفة المقصودة وله أن يضمنه ويضمن الاجر وإن كان صبغه ابتداء بقفيز فله ما زاد الصبغ ولا أجر له لأنه لم يوف بالعمل المأذون فيه فلم يعمل المعقود عليه فيصير كأنه غصب ثوبا وصبغه بعصفر وروى ابن سماعة عن محمد خلاف ذلك وهو ان له أن يأخذ الثوب ويغرم الاجر وما زاد العصفر فيه مجتمعا كان أو متفرقا لان الصبغ لا يتشرب
(٢١٧)