فعطب كان ضامنا لان السرج أثقل على الدابة وقيل هذا إذا استأجر ليركبه في المصر وهو من غرض الناس ممن يركب في المصر بغير سرج فاما إذا استأجره ليركبه خارج المصر أو هو من ذوي الهيئات لا يضمن لان الحمار لا يركب من بلد إلى بلد بغير سرج ولا اكاف وكذا ذو الهيئة فكان الاسراج مأذونا فيه دلالة فلا يضمن وان استأجر حمارا بسرج فاسرجه بغيره فإن كان سرجا يسرج بمثله الحمر فلا ضمان عليه وإن كان لا يسرج بمثله الحمر فهو ضامن لان الثاني إذا كان مما يسرج به الحمر لا يتفاوتان في الضرر فكان الاذن بأحدهما اذنا بالاخر دلالة وإذا كان مما لا يسرج بمثله الحمر بأن كان سرجا كبيرا كسروج البراذين كان ضرره أكثر فكان اتلافا للدابة فيضمن وكذلك ان لم يكن عليه لجام فالجمه فلا ضمان عليه إذا كان مثله يلجم بمثل ذلك اللجام وكذلك ان أبدله لان الحمار لا يتلف بأصل اللجام فإذا كان الحمار قد يلجم بمثله أو أبدله بمثله لم يوجد منه الاتلاف ولا الخلاف فلا يضمن وأما الخلاف في المكان فنحو أن يستأجر دابة للركوب أو للحمل إلى مكان معلوم فجاوز ذلك المكان وحكمه أنه كما جاوز المكان المعلوم دخل المستأجر في ضمانه حتى لو عطب قبل العود إلى المكان المأذون فيه يضمن كل القيمة ولو عاد إلى المكان المأذون فيه هل يبرأ عن الضمان كان أبو حنيفة أولا يقول يبرأ كالمودع إذا خالف ثم عاد إلى الوفاق وهو قول زفر وعيسى بن أبان من أصحابنا ثم رجع وقال لا يبرأ مها إلى صاحبها سليمة وكذلك العارية بخلاف الوديعة وجه قوله الأول ان الشئ أمانة في يده ألا ترى انه لو هلك في يده قبل الخلاف لا ضمان عليه فكانت يده يد المالك فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك فأشبه الوديعة ولهذا لو هلك في يده ثم استحق بعد الهلاك وضمنه المستحق يرجع على المؤاجر كالمودع سواء بخلاف المستعير فإنه لا يرجع (وجه) قوله الآخر ان يد المستأجر يد نفسه لأنه قبض الشئ لمنفعة نفسه فكانت يده يد نفسه لا يد المؤاجر وكذا يد المستعير لما قلنا وإذا كانت يده يد نفسه فإذا ضمن بالتعدي لا يبرأ من ضمانه الا برده إلى صاحبه لأنه لا تكون الإعادة إلى المكان المأذون فيه رد إلى يد نائب المالك فلا يبرأ من الضمان بخلاف الوديعة لان يد المودع يد المالك لا يد نفسه ألا ترى انه لا ينتفع بالوديعة فكان العود إلى الوفاق رد إلى يد نائب المالك فكان ردا إلى المالك معنى فهو الفرق وأما الرجوع على المؤاجر بالضمان فليس ذلك لكون يده يد المؤاجر بل لأنه صار مغرورا من جهته كالمشترى إذا استحق المبيع من يده انه يرجع على البائع بسبب الغرور كذا هذا ولو استأجرها ليركبها إلى مكان عينه فركبها إلى مكان آخر يضمن إذا هلكت وإن كان الثاني أقرب من الأول لأنه صار مخالفا لاختلاف الطرق إلى الأماكن فكان بمنزلة اختلاف الجنس ولا أجرة عليه لما قلنا ولو ركبها إلى ذلك المكان الذي عينه لكن من طريق آخر ينظر إن كان الناس يسلكون ذلك الطريق لا يضمن لأنه لم يصر مخالفا وإن كانوا لا يسلكونه يضمن إذا هلكت لصيرورته مخالفا غاصبا بسلوكه وان لم تهلك وبلغ الموضع المعلوم ثم رجع وسلم الدابة إلى صاحبها فعليه الاجر ولو استأجرها ليركبها أو ليحمل عليها إلى مكان معلوم فذهب بها ولم يركبها ولم يحمل عليها شيئا فعليه الاجر لأنه سلم المنافع إليه بتسليم محلها إلى المكان المعلوم فصار كما استأجر دارا ليسكنها فسلم المفتاح إليه فلم يسكن حتى مضت المدة انه يجب الأجرة لم قلنا كذا هذا ولو أمسك الدابة في الموضع الذي استأجرها ولم يذهب بها إلى الموضع الذي استأجرها إليه فان أمسكها على قدر ما يمسك الناس إلى أن يرتحل فهلك فلا ضمان عليه لان حبس الدابة ذلك القدر مستثنى عادة فكان مأذونا فيه دلالة وان حبس مقدار ما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة فعطب يضمن لأنه خالف في المكان بالامساك الخارج عن العادة فصار غاصبا فيضمن إذا هلك ولا أجرة عليه لما قلنا وان لم تهلك فأمسكها في بيته فلا أجر عليه لما مر ان الأجرة بمقابلة تسليم الدابة في جميع الطريق ولم يوجد بخلاف ما إذا استأجرها عشرة أيام ليركبها فحبسها ولم يركبها حتى ردها يوم العاشر ان عليه الأجرة ويسع لصاحبها أن يأخذ الكراء وإن كان يعلم أنه لم يركبها لان استحقاق الأجرة في الإجارات على الوقت بالتسليم في الوقت وقد وجد فتجب الأجرة كما في إجارة الدار ونحوها بخلاف الإجارة على المسافة فان الاستحقاق هناك بالتسليم
(٢١٥)