بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٤ - الصفحة ٢١٦
في جميع الطريق ولم يوجد فلا يجب وأما الخلاف في الزمان فنحو أن يستأجر دابة ليركبها أو يحمل عليها مدة معلومة فانتفع بها زيادة على المدة فعطبت في يده ضمن لأنه صار غاصبا بالانتفاع بها فيما وراء المدة المذكورة وأما استئجار الصناع من الحائك والخياط والصباغ ونحوهم فالخلاف إن كان في الجنس بأن دفع ثوبا إلى صباغ ليصبغه لونا فصبغه لونا آخر فصاحب الثوب بالخيار ان شاء ضمنه قيمة ثوب أبيض وسلم الثوب للأجير وان شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد الصبغ فيه إن كان الصبغ مما يزيد أما خيار التضمين فلفوات غرضه لان الاغراض تختلف باختلاف الألوان فله أن يضمنه قيمة ثوب أبيض لتفويته عليه منفعة مقصوده فصار متلفا الثوب عليه فكان له أن يضمنه وان شاء أخذ الثوب لأن الضمان وجب حقا له فله أن يسقط حقه ولا أجر له لأنه لم يأت بما وقع عليه العقد رأسا حيث لم يوف العمل المأذون فيه أصلا فلا يستحق الاجر كالغاصب إذا صبغ الثوب المغصوب ويعطيه ما زاد الصبغ فيه إن كان الصبغ مما يزيد كالحمرة والصفرة ونحوهما لأنه عين مال قائم بالثوب فلا سبيل إلى أخذه مجانا بلا عوض فيأخذه ويعطيه ما زاد الصبغ فيه رعاية للحقين ونظرا من الجانبين كالغاصب وإن كان الصبغ مما لا يزيد كالسواد على أصل أبي حنيفة فاختار أخذ الثوب لا يعطيه شيئا بل يضمنه نقصان الثوب في قول أبي حنيفة بناء على أن السواد لا قيمة له عنده فلا يزيد بل ينقص وعندهما له قيمة فكان حكمه حكم سائر الألوان ولو استأجر أرضا ليزرعها حنطة فزرعها رطبة ضمن ما نقصها لان الرطبة مع الزرع جنسان مختلفا إذ الرطبة ليست لها نهاية معلومة بخلاف الزرع وكذا الرطبة تضر بالأرض ما لا يضرها الزرع فصار بالاشتغال بزراعة الرطبة غاصبا إياها بل متلفا ولا أجر له لان الاجر مع الضمان لا يجتمعان وقال هشام عن محمد في رجل أمر انسانا أن ينقش في فضة اسمه فنقش اسم غيره انه يضمن الخاتم لأنه قوت الغرض المطلوب من الخاتم وهو الختم به فصار كالمتلف إياه قال وإذا أمر رجلا أن يحمر له بيتا فحضره قال محمد أعطيه ما زادت الحضرة فيه ولا أجرة له لأنه لم يعمل ما استأجره عليه رأسا فلا يستحق الأجرة ولكن يستحق قيمة الصبغ الذي زاد في البيت لما مر ولو دفع إلى خياط ثوبا ليخيطه قميصا بدرهم فخاطه قباء شاء ضمنه قيمة الثوب وان شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به ما سمى لان القباء والقميص مختلفان في الانتفاع فصار مفوتا منفعة مقصودة فصار متلفا الثوب عليه فله أن يضمنه وله أن يأخذه ويعطيه أجر مثله لما قلنا وإذا كان الخلاف في الصفة نحو ان دفع إلى صباغ ثوبا ليصبغه بصبغ مسمى فصبغه بصبغ آخر لكنه من جنس ذلك اللون فصاحب الثوب أن يضمنه قيمته أبيض ويسلم إليه الثوب وان شاء أخذ الثوب وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به ما سمى أما ثبوت الخيار فلما ذكرنا من الخلاف في الجنس وإنما وجب الاجر ههنا لان الخلاف في الصفة لا يخرج العمل من أن يكون معقودا عليه فقد أتى بأصل المعقود عليه الا أنه لم يأت بوصفه فمن حيث إنه لم يأت بوصفه المأذون فيه لم يجب المسمى ومن حيث إنه أتى بالأصل وجب أجر المثل ولا يجاوز به المسمى لان هذا شان أجر المثل لما نذكر إن شاء الله تعالى وروى هشام عن محمد فيمن دفع إلى رجل شبها ليضرب له طشتا موصوفا معروفا فضرب له كوزا قال إن شاء ضمنه مثل شبهه ويصير الكوز للعامل وان شاء اخذه أعطاه أجر مثل عمله لا يجاوز به ما سمى لأن العقد وقع على الضرب والصناعة صفة فقد فعل المعقود عليه بأصله وخالف في وصفه فيثبت للمستعمل الخيار وعلى هذا إذا دفع إلى حائك عزلا ليحوك له ثوبا صفيقا فحاك له ثوبا رقيقا أو شرط عليه أن يحوك له ثوبا رقيقا فحاكه صفيقا ان صاحب الغزل بالخيار ان شاء ضمنه غزله وان شاء أخذ الثوب وأعطاه مثل أجر عمله لا يجاوز ما سمى وذكر في الأصل إذا دفع خفه إلى خفاف لينعله فانعله بنعل لا ينعل بمثله الخفاف فصاحب الخف بالخيار ان شاء ضمنه خفه وان شاء أخذه وأعطاه أجر مثله في علمه وقيمة النعل لا يجاوز به ما سمى وإن كان ينعل بمثله الخفاف فهو جائز وان لم يكن جيدا وأما ثبوت الخيار إذا أنلعه بما لا ينعل بمثله الخفاف فلانه لم يأت بالمأمور به رأسا بل أتى بالمأمور به ابتداء فصار كالغاصب إذا أنعل الخف
(٢١٦)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في الرضاع واحكامه. 2
2 في النفقة وأنواعها. 15
3 في أسباب وجوب نفقة الزوجة. 16
4 في شرائط وجوب نفقة الزوجة. 18
5 في بيان مقدار الواجب من النفقة. 23
6 في بيان كيفية وجوب هذه النفقة. 25
7 في بيان مسقطات النفقة بعد وجوبها. 29
8 في نفقة الأقارب. 30
9 في بيان أسباب وجوب نفقة الأقارب. 31
10 في شرائط وجوب نفقة الأقارب. 34
11 في بيان كيفية وجوب نفقة الأقارب ومسقطاتها. 38
12 في نفقة الرقيق. 38
13 في بيان أسباب وجوب نفقة الرقيق وشرايط وجوبها. 39
14 في بيان مقدار الواجب من نفقة الرقيق وكيفية وجوبها. 40
15 كتاب الحضانة. 40
16 في بيان من له الحضانة. 41
17 في بيان مكان الحضانة. 44
18 كتاب الاعتاق في بيان الاعتاق وأنواعه 45
19 في أركان الاعتاق. 46
20 في بيان شرائط أركان الاعتاق. 55
21 في بيان صفة الاعتاق. 86
22 في بيان احكام الاعتاق. 98
23 في بيان ما يظهر به حكم الاعتاق. 110
24 كتاب التدبير في التدبير وبيان أركانه. 112
25 في بيان شرائط أركان التدبير. 115
26 في بيان صفة التدبير. 116
27 في بيان احكام التدبير. 120
28 في بيان ما يظهر به التدبير. 123
29 كتاب الاستيلاد في الاستيلاد وتفسيره لفة وعرفا. 123
30 في بيان سبب الاستيلاد. 124
31 في بيان صفة الاستيلاد واحكامه 129
32 في بيان ما يظهر به الاستيلاد. 133
33 كتاب المكاتب في المكاتبة وجوازها. 133
34 في بيان أركان المكاتبة وشرائطها. 134
35 في بيان الذي يرجع إلى المكاتبة. 136
36 في بيان الذي يرجع إلى بدل الكتابة. 137
37 في بيان الذي يرجع إلى نفس الركن من شرائط الصحة. 141
38 في بيان ما يملك المكاتب من التصرفات. 143
39 في بيان صفة المكاتبة. 147
40 في بيان احكام المكاتبة وما يملكه المولى من التصرف في المكاتب. 150
41 في بيان ما تنفسخ به الكتابة. 159
42 كتاب الولإ في الولاء وأنواعه وبيان ولاء العتاقة. 159
43 في بيان ولاء المولاة. 170
44 في بيان ما يظهر به الولاء. 173
45 كتاب الإجارة في الإجارة وبيان جوازها. 173
46 في بيان أركان الإجارة ومعناها. 174
47 في بيان شرائط الأركان. 176
48 في بيان صفة الإجارة. 201
49 في بيان أحكام الإجارة. 201
50 في بيان احكام إختلاف المتعاقدين. 218
51 في بيان ما ينتهي به عقد الإجارة. 222