وذلك لان المحرم الملقي إما أن يمس الطيب أو لا يمسه، وفي كل إما أن يبادر الملقى عليه بنزعه عنه أم لا، فإن مسه الملقي وبادر الملقى عليه بنزعه ففديتان على الملقي، وإن مسه الملقي ولم يبادر الملقى عليه بنزعه فكل واحد من الملقي والملقى عليه يلزمه فدية، وإن لم يمس الملقي الطيب فإن بادر الملقى عليه بنزعه ففدية واحدة على الملقي، وإن لم يبادر فالفدية على الملقى عليه ولا شئ على الملقي، وإنما لزمت الملقي في حالة عدم مسه وعدم لزومها للملقى عليه لأنه كإلقاء الحل على المحرم حيث لم تلزمه التي قدمها المصنف بقوله: وافتدى الملقي الحل إن لم تلزمه. قوله: (وهذه تكرار) أي قوله: وإلا فعليه تكرار إلخ وقد دفعه ح بأن ما هنا بين به موضع لزومها للمحرم، وموضع لزومها للحلال وما مر بين به أن حكم الحالق إذا لزمته هو حكم الملقي طيبا، قال ابن عاشر: وهذه محاولة لا تتم إذ لا مانع من جعل التشبيه تاما حتى يستفاد منه المعنى المراد هنا اه بن. قوله: (فإن تيقن نفيه فلا) مثله في ح لكنه زاد: وإن قتل قملا كثيرا فعليه الفدية اه بن. فيقتضي أن محل التأويلين إذا قتل قملا قليلا وليس كذلك لان أصل هذا التفصيل للخمي وسند وهما جعلا محل الخلاف إذا قتل قملا كثيرا، زاد سند: أو لم يتحقق شئ، ونص سند: إذا حلق المحرم رأس حلال فإن تبين أنه لم يقتل شيئا من الدواب فلا شئ عليه في المعروف من المذهب وإن قتل يسيرا أطعم شيئا من طعام وكثيرا أو لم يتبين شئ فقال مالك: يفتدي، وقال ابن القاسم: يطعم، وهذا التفصيل مبني على تعليل الفدية بقتل القمل وهو قول عبد الوهاب وسند واللخمي، وذهب البغداديون إلى تعليلها بالحلاق وإليه ذهب ابن رشد، وعليه فلا فرق بين أن يقتل قملا قليلا أو كثيرا أو يتحقق نفيها، وعلى الاطلاق حمل الشيخ سالم كلام المصنف بناء على التعليل بالحلاق وصوبه طفي وهو غير ظاهر، والصواب حمله على التفصيل لتعليل ابن القاسم بقتل القمل كما في ابن الحاجب، ولقول المصنف بعد إلا أن يتحقق نفي القمل. ولما تقدم عن سند من أنه المعروف من المذهب ولقولهم في تقليم المحرم ظفر حلال أنه لا شئ عليه فإن هذا يرجح قول من قال: إن الفدية ليست للحلق إذ لو كانت للحلق لوجبت الفدية هنا وهو ظاهر اه بن. قوله: (في قول الإمام افتدى) أي مع قول ابن القاسم: تصدق بشئ من الطعام فقال بعضهم:
قول الإمام افتدى المراد منه تصدق بحفنة من الطعام، وقال بعضهم: قول الإمام افتدى على ظاهره، والتأويل الثاني بالخلاف للباجي واللخمي والأول بالوفاق وترجيح ما للامام لقول ابن القاسم لغيرهما اه بن. قوله: (فلو عبر المصنف به بدل أطعم كان أولى) أي لان ظاهره أن الفدية من الاطعام فقط، وقد يجاب بأن المصنف أطلق الخاص وهو الاطعام في قوله أطعم وأراد العام وهو الافتداء.
تنبيه: تكلم المصنف على ما إذا حلق حل محرما، وعلى ما إذا حلق محرم رأس حل، وسكت عما إذا حلق محرم رأس محرم. وحاصل ما فيه أنه إذا حلق له بغير رضاه فالفدية على الحالق وإن كان برضاه وتحقق قتل قمل كثير أو شك في ذلك فعلى المحلوق فدية، وهل على الحالق أيضا فدية أو حفنة؟ قولان وإن كان برضاه وتحقق نفي القمل فالفدية على المحلوق ولا شئ على الحالق وإن كان برضاه، وتحقق قتل قمل يسير افتدى المحلوق وأطعم الحالق حفنة. قوله: (وفي قلم الظفر الواحد إلخ) مراد المصنف ظفر نفسه، وأما لو قلم ظفر غيره فلا شئ على المحرم في قلم ظفر حلال، فإن قلم ظفر محرم مثله بغير أمره ورضي أو بأمره عمدا أو جهلا أو نسيانا افتدى المقلوم، وإن فعل به مكرها أو نائما فالفدية على الفاعل. قوله: (ولإماطة الأذى فدية) فيه نظر بل ليس في القملة والقملات إلا حفنة مطلقا سواء كان القتل لغير إماطة الأذى أو كان لإماطة الأذى، قال في التوضيح: لا يعلم في المذهب قول بوجوب الفدية في قملة أو قملات اه بن. والقملات جمع قملة فلا ينافي وجوب الفدية في الاثني عشر فما