مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥٩
الثاني: إن قيل: قوله: وخطبة جمعة يقتضي أن النفل إنما يحرم في وقت الخطبة وهو مخالف لما سيقوله المصنف في فصل الجمعة من أن النفل يحرم لخروج الامام أي بدخول المسجد للخطبة كما سيأتي بيانه. فالجواب أنه اقتصر هنا على ذكر المتفق عليه جريا على عادته في جمع النظائر مجملة معتمدا على ما يذكره في المسألة في بابها.
الثالث: علم من كلام المصنف أن الفرض لا يمنع في هذه الأوقات وهو كذلك، فمن ذكر صلاة صلاها متى ما ذكرها ولو كان ذلك عند طلوع الشمس أو عند غروبها، وكذلك إذا ذكر منسية والامام يخطب فإنه يصليها كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في فصل الجمعة.
الرابع: قال الشارح في الوسط: واحترز بقوله: خطبة جمعة من غيرها من الخطب فإن ظاهر كلام مالك في المجموعة أن الركوع لا يمنع لقوله في خطبة العيدين: وليس من تكلم فيهما كمن تكلم في خطبة الجمعة. ونحوه في الكبير وجزم بذلك في الصغير فقال: واحترز بخطبة الجمعة من خطبة غيرها فإنها لا تمنع انتهى. قلت: وهو ظاهر إلا أنه إذا انتفى المنع فالظاهر أن ذلك مكروه وسيأتي في فصل العيدين أن من فاتته صلاة العيد يستحب له أن يصليها. قال سند: فإن جاء والامام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي، وسواء كان في المصلى أو في المسجد وهو ظاهر، وأيضا فإن الكلام وإن لم يحرم في خطبة غير الجمعة فالانصات مستحب كما سيأتي والله أعلم.
الخامس: فإن قيل: لم لم يذكر المصنف في الأوقات التي يحرم فيها النافلة إذا أقيمت الصلاة المفروضة؟ فالجواب والله أعلم أنه لم يذكره لأن المنع من النافلة حينئذ ليس لخصوصية الوقت وإنما هو لأمر آخر وهو الاشتغال بالصلاة المفروضة التي أقيمت، ولئلا يؤدي إلى الطعن على الامام. ألا ترى أن المنع ليس خاصا بالنافلة بل يحرم حينئذ الاشتغال بغير الصلاة التي أحرم بها الامام، ومثل هذا تنفل من أخر الصلاة حتى خاف خروج وقتها، وتنفل من عليه فوائت، فالمنع من النفل ليس راجعا إلى الوقت وإنما هو لأمر آخر. فإن قيل: وكذلك المنع في خطبة الجمعة ليس لخصوصية الوقت وإنما هو لأجل الاشتغال عن سماع الخطبة. فالجواب والله أعلم أنه لما كان وقت خطبة الجمعة منضبطا متكررا في كل جمعة وكان المنع فيه من النفل فقط، أشبه الوقت الذي يمنع فيه النفل فتأمله والله تعالى أعلم.
السادس: يستثنى من المنع في الأوقات المذكورة من قرب للقتل على أحد القولين كما سيأتي.
فرع: قال المشذالي في حاشيته في آخر كتاب الصلاة الأول: قلت لشيخنا: ما ترى في قضاء التطوع المفسد هل يلحق بالفرائض فيوقع في الأوقات المكروهة، أو حكمه حكم التطوعات الأصلية فلا يوقع فيها؟ قال: الذي عندي أنها كالتطوعات الأصلية. قلت له: يؤخذ
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست