مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥٦
بل المخاطب الولي، وأمر الصبي بالعبادات على سبيل الاصلاح كرياضة الدابة لحديث رفع القلم عن ثلاث. والجواب: أن حديث الخثعمية أخص من هذا فيقدم الخاص على العام قال:
وأما التمييز فهو شرط في جميع الأحكام إجماعا، فالصبي قبل التمييز كالبهيمة لا يخاطب بإباحة فضلا عن غيرها انتهى بالمعنى. قلت: وهذا جار أيضا على القول بأن المندوب والمكروه غير المكلف بهما، لأن التكليف هو إلزام ما فيه كلفة كما هو مذكور في أصول الفقه. وقال ابن رشد في رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم من كتاب النذور: إن الصغير لا تكتب عليه السيئات وتكتب له الحسنات على الصحيح من الأقوال. وقال في رسم الخيار من سماع أشهب من كتاب الجنائز: إن المراهق لا يؤاخذ بذنب ولا يثاب على طاعة. وقد قيل: إنه يثاب على طاعاته انتهى. فظاهره تضعيف القول بأنه يثاب على طاعته والصحيح ما قاله في كتاب النذور. وقد قال ابن عبد البر في التمهيد في شرح أول حديث منه وهو حديث الخثعمية: حدثنا عبد الواحد بن سفيان قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الواحد البزار قال:
حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا يحيى البكاء عن أبي العالية الرياحي قال: قال عمر بن الخطاب: يكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته. وقال المقري في قواعده في النكاح: قال عمر: يكتب للصبي حسناته ولا تكتب عليه سيئاته. وحكى عن بعض المبتدعة خلاف هذا ولا يلتفت إليه انتهى كلام المقري. وقال في أول المقدمات لما تلك على شروط التكليف: للصبي حالان: حال لا يعقل فيها معنى القربة فهو فيها كالبهيمة والمجنون ليس بمخاطب بعبادة ولا مندوب إلى فعل طاعة، وحال يعقل فيها معنى القربة، فاختلف هل هو فيها مندوب إلى فعل الطاعات كالصلاة والصيام والوصية عند الممات وما أشبه ذلك؟ فقيل: إنه ليس مندوب إليه. وقيل: إنه لي بمندوب إلى شئ من ذلك وإن وليه هو المخاطب بتعليمه وتدريبه والمأجور على ذلك. والصواب عندي أنهما جميعا مندوبان إلى ذلك مأجوران عليه. قال رسول الله (ص) للمرأة التي أخذت بضبعي الصبي وقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر. وهذا واضح انتهى. وقال أبو الحسن الصغير: والصبي غير مكلف إلا أنه يندب إلى القرب، واختلف هل الولي يندب لذلك أو الصبي أو هما جميعا مخاطبان مأجوران؟ انتهى.
الخامس، إذا قلنا: إن الأولياء هم المأمورون أو الامر لهم وللصبيان، فهل الولي مأمور على سبيل الوجوب أو الندب؟ قولان، المشهور الندب وأنه لا يأثم بترك الامر كما قاله الجزولي والشيخ يوسف بن عمر والأقفهسي وغيرهم.
السادس: على القول بأنه لا ثواب للصبي فاختلف في ثواب الصلاة فقيل: للصبي.
وقيل: لوالديه وله. قاله الشيخ يوسف ابن عمر. وقال الجزولي: واختلف لمن أجر الصلاة فقال لوالديه ويكون بينهما نصفين، وقيل: الثلث للأب والثلثان للام. وضعف بعضهم هذا كله.
وقيل: إنما يكون للصبي والحديث يرد على من يقول: إنه لوالديه لأنه قال في الحديث: إن
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست