فقد روى أبو داود ويؤمر بالصلاة إذا عرف يمينه من شماله والله أعلم. وذكر الفاكهاني وابن ناجي في شرح الرسالة عن ابن وهب أنه روي عن مالك أنهم يضربون لسبع. وهذا إنما هو في سماع أشهب وعزاها صاحب الطراز لسماع أشهب وتأول ذلك فقال: فيكون معنى الحديث عنده أنهم يؤدبون بغير ضرب قبل العشرة وعند العشرة يضربون انتهى. وهكذا نقله ابن يونس عن أشهب وسماع عيسى. قال اللخمي في آخر كتاب الصلاة الأول: قال مالك: يؤمر الصبي بالصلاة إذا أثغر. واختلف في الوقت الذي يؤدب فيه على تركها ومتى يفرق بينهم في المضاجع، هل ذلك إذا أمروا بالصلاة أو حين يبلغوا عشرين سنين؟ فقال مالك في العتبية: إذا أثغر أمر بالصلاة وأدب عليها. قال ابن القاسم: وحينئذ يفرق بينهم في المضاجع. وروى ابن وهب في ذلك حديثا أن النبي (ص) قال: مروا الصبيان بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع. وقال ابن حبيب: إذا بلغ عشر سنين لم يتجرد أحد منهم مع أبويه ولا مع إخوته ولا مع غيرهم إلا أن يكون مع كل واحد منهم ثوب، وليس هذا بحسن وأرى أن يفرق بينهما جملة، وسواء كانوا ذكورا أو إناثا، فإن عمل بذلك لسبع حسن، وإن أخر لعشر فواسع، وأما العقوبة فبعد العشر. وكره فضيل وسفيان أن يضرب عليها وقالا: أرشه عليها وهذا أحسن لمن يقدر على ذلك، فإن كان ممن لا يقدر أو لم يفعل بعد أن أرشى ضرب عليها انتهى.
تنبيهات: الأول: جعل ابن ناجي في شرح المدونة القول بأنه يؤمر بها إذا أثغر مغايرا للقول بأنه يؤمر بها السبع قال: لأنهم ذكروا مغايرتهما في باب التفرقة بين الام وولدها. قلت:
والظاهر من كلامهم هنا أنهما قول واحد فتأمله.
الثاني: ذكر ابن ناجي عن شيخه يعني البرزلي أنه كان جعل ابن القاسم قوله (ص):
وفرقوا بينهم في المضاجع راجعا لأول الحديث وابن وهب لأقرب مذكور.
الثالث: الذي يفهم من هذه النصوص كلها أن المراد ببلوغه السبع دخوله فيها، وكذلك المراد ببلوغ العشر دخوله فيها لا إكمال السبع وإكمال العشر، ونصوصهم المتقدمة كالصريحة في ذلك. وأما قول اللخمي المتقدم: وأما العقوبة فبعد العشر فالذي يفهم من كلامه أن مراده فبعد بلوغ العشر لا بعد إكمالها كما يظهر من كلامه بالتأمل والله تعالى أعلم.
الرابع، هل المأمور بذلك الصبيان أو الأولياء؟ فقيل: إن المأمور بذلك الأولياء وإن الصبي لا يخاطب بندب ولا بغيره. وقيل: إن المأمور بذلك الصبيان وأن البلوغ إنما هو شرط في التكليف بالوجوب والحرمة لا في الخطاب بالندب والكراهة. قال القرافي في كتاب اليواقيت في المواقيت: والحق أن البلوغ ليس شرطا في ذلك وأن الصبي يندب ويحصل له أجر المندوبات إذا فعلها لحديث الخثعمية. وقيل: إنه لا ثواب له ولا هو مخاطب بندب ولا بغيره