مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥٣٦
الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر فحملوا الساعة على العادية، وقسم مالك الساعة السادسة خمسة أقسام فحمل الحديث على هذه الأقسام. حجته أن الرواح لغة لا يكون إلا بعد الزوال ومنه قوله تعالى * (غدوها شهر ورواحها شهر) * فالمجاز لازم على المذهبين، ومذهبنا أقربهما للحقيقة فيكون أولى، ولأنه عقب الخامسة بخروج الامام وهو لا يخرج بعد الخامسة من ساعات النهار وإلا لوقعت الصلاة قبل الزوال، وإذا بطل أحد المذهبين تعين الآخر إذ لا قائل بالفرق، وتقسيم السادسة لصاحب المنتقي وصاحب الاستذكار والعبدي في شرح الرسالة وصاحب الطراز. وقال اللخمي وابن بشير وصاحب المعلم وابن يونس وجماعة: التقسيم في السابعة. والموجود لمالك إنما هو قوله: أرى هذه الساعات في ساعة واحدة ولم يعين. فاختلف أصحابه في تفسير قوله على هذين القولين والأول هو الصحيح، لأن حديث مسلم كنا ننصرف من صلاة الجمعة والجدرات ليس لها فئ. وإذا كان عليه السلام يخرج في أول السابعة وقد قال في الحديث فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر فإذا كان الامام يخرج في أول السابعة بطل الحديث بالكلية. ولا يمكن أن يقال: إن تلك الأزمنة في غاية الصغر فإن الحديث يأباه والقواعد، لأن البدنة والبيضة لا بد أن يكون بينهما من التعجيل والتأخير وتحمل المكلف من المشقة يقتضي هذا التفصيل وإلا فلا معنى للحديث انتهى.
وما ذكره عن صاحب المنتقي هو في شرح هذا الحديث ونصه: ذهب مالك إلى أن هذا كله في ساعة واحدة وأن هذه أجزاء من الساعة السادسة ولم ير التبكير لها من أول النهار. رواه ابن القاسم وأشهب عن مالك في العتبية. وذهب ابن حبيب والشافعي إلى أن ذلك في الساعات المعلومات، وأن أفضل الأوقات في ذلك أول ساعة النهار. والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك أن الساعة السادسة من النهار لم يذكر فضيلة من جاء فيها، وليس بوقت قعود الامام على المنبر، ولا بوقت استماع الذكر منه، والحديث يقتضي أن في ذلك الوقت
(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 ... » »»
الفهرست