فصار كأنه فهم من الحديث ما لم يفهموه أو رغب عن الفضيلة ما لم يرغبون انتهى. يقد أغفل ابن عرفة والبساطي هذه النقول واقتصرا على القول الثاني الذي حكاه القرافي. ونص ابن عرفة: ويستحب التبكير بعد الزوال وفي كونه كذلك بعد طلوع الشمس وكراهته قولا ابن حبيب ومالك انتهى. وفي إطلاقه التبكير علي ما بعد الزوال مسامحة. ونص البساطي: وأما مندوبية التهجير فمبني على أنه المراد من الساعة الأولى. فقال أبو حنيفة والشافعي وغيرهما، إن الساعة الأولى في الحديث طلوع الشمس ثم كذلك. وقال مالك: الساعة التي بعد الزوال تنقسم ساعات انتهى. واختار هذا القول ابن العربي في عارضته والأول أصح لمن تقدم، ولان المطلوب أن يكون خروج الامام بأثر الزوال في أول السابعة. وصرح الرجراجي بمشهوريته ونصه في شرح مشكلات المدونة: اختلف في وقت التبكير على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه من أول النهار وهو مذهب الشافعي وبه قال ابن حبيب من أصحابنا، والثاني أنه في الساعة السادسة وهو مشهور مذهب مالك، والثالث أنه قبل الزوال انتهى. ص: (وسلام خطيب لخروجه لا صعوده) ش: ذكر الشيخ أبو الحسن الصغير أن الخطيب والمؤذن الذي يناوله العصا يسلمان إذا دخلا فيؤخذ منه أنه يكون مع الخطيب مؤذن يناوله العصا. وقال في اللباب: من المكروهات سلام الامام على الناس إذا رقي المنبر انتهى. ص: (وجلوسه أولا وبينهما) ش: أما الجلوس الثاني فلم أر من حكى فيه قولا بالاستحباب فضلا عن كونه المشهور، وأما الأول فنقل في التوضيح عن ابن عبد البر أن فيه قولا بالاستحباب ولكن لم أر من شهره، وحكى فيه ابن الحاجب قولا بالوجوب وأنكره ابن عرفة. والحاصل أن كلا من الجلستين سنة على المعروف والله أعلم. وقال اللخمي في تبصرته. وإذا صعد الامام المنبر يوم الجمعة جلس حتى يؤذن المؤذن. واختلف هل يجلس إذا صعد للخطبة في العيدين والاستسقاء ويوم عرفة؟ قال مالك في المدونة: يجلس إذا صعد المنبر قبل أن يخطب. وقال في المبسوط: لا يجلس وإنما يجلس في الجمعة انتظارا للمؤذن أن يفرغ. قال عبد الملك: وكان يرى إذا استوى على المنبر خطب قبل أن يجلس لأنه لا ينتظر فيهما مؤذنا. قال الشيخ: قوله في المدونة أحسن لأن جلوسه ذلك
(٥٣٨)