مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٥٣١
عرفة: وفي كون قيام الخطبة فرضا أو سنة طريقا الأكثر وابن العربي انتهى. قلت: وفي عزوه الطريقة الثانية لابن العربي وحده نظر، فقد وافقه القاضي عبد الوهاب على ذلك وتبع القاضي على ذلك الباجي وصاحب الطراز والله أعلم. ص: (ولزمت المكلف الحر الذي بلا عذر المتوطن وإن بقرية نائية) ش: قال ابن عبد البر في الاستذكار: أجمع علماء الأئمة أن الجمعة فريضة على كل حر بالغ يدركه الزوال في مصر من الأمصار وهو من أهل المصر غير مسافر، وأجمعوا أن من تركها وهو قادر على إتيانها من تجب عليه أنه غير كافر بفعله إلا أن يكون جاحدا لها مستكبرا عنها، وأجمعوا أن من نكرها ثلاث مرات من غير عذر فاسق ساقط الشهادة. وقيل: ذلك فيمن تركها مرة واحدة من غير تأويل ولا عذر انتهى. وفي النوادر قال ابن حبيب: شهود الجمعة فريضة ومن تركها مرارا من غير عذر لم تجز شهادته انتهى. ولم أر أحدا من أهل المذهب حكى في تركها القتل، وسمعت أن عند الشافعية قولا ضعيفا في قتله.
وأما المعاقبة فمن المقرر أن الامام يعزره لمعصية الله تعالى كما صرح به المصنف في باب الشرب. ورأيت في نوازل سحنون من كتاب الشهادات ما نصه: قال سحنون عن ابن وهب في ثارك الجمعة بقرية يجمع فهيا من غير علة ولا مرض قال: لا أرى أن تقبل شهادته. قال سحنون: إذا تركها ثلاثا متواليات للحديث الذي جاء. قال أصبغ: قال ابن القاسم في الذي يترك الجمعة: ترى أن ترد شهادته إلا أن يعرف أن له عذرا ويسأل عن ذلك ويكشف، فإن علم له عذر من وجع أو أمر أو اختفاء من دين أو ما أشبه ذلك فأرى أن لا ترد شهادته، وإن كان على غير ذلك رأيت أن ترد شهادته إلا أن يكون ممن لا يتهم على الدين ولا على الجمعة لبروزه في الصلاح وعلمه فهو أعلم بنفسه. قال أصبغ: والمرة الواحدة إذا تركها متعمدا من غير عذرتها ونابها ترد شهادته ولا ينظر بها ثلاثا لأن ترك الفريضة مرة وثلاثا وأقل وأكثر سواء هي فريضة مفروضة مفترض إتيانها كفريضة الصلاة لوقتها، فلو ترك الصلاة لوقتها متعمدا مرة واحدة لم ينتظر به أن يفعل ذلك ثلاثا وكان يمنزلة التارك أصلا للأبد لأنه عاص لله في قليل فعله دون كثيره ومتعد لحدوده، وقد قال الله تعالى * (يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»
الفهرست