مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٤
ولا فرق بين ما يغير معنى أم القرآن وغيرها لأن القارئ لا يقصد موجب ذلك اللحن ولا يعتقد من ذلك إلا ما يعتقده من لا لحن عنده انتهى.
وقوله والقول بالمنع ابتداء إلى آخره راجع إلى اللحان كما يدل عليه كلامه وكما يفهم من كلام ابن عرفة ونصه اللخمي في جواز إمامة اللحان: ثالثه إن كان في غير الفاتحة، ورابعها للقاضي مع ابن القصار إن لم يغير المعنى، والأحسن المنع إن وجد غيره، فإن أم لم يعد مأمومه انتهى. فيكون اختياره خامسا وهو المنع من إمامته ابتداء إذا وجد غيره، فإن أم صحت صلاته وصلاتهم. وقال ابن رشد في شرح المسألة التاسعة من رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة: وقد اختلف في الذي يحسن القرآن أي يحفظه ولا يحسن قراءته ويلحنه على أربعة أقوال: أحدها أن الصلاة خلفه لا تجوز وإن لم يلحن في أم القرآن إذا كان يلحن في سواها، قاله بعض المتأخرين تأويلا على ما لابن القاسم في المدونة في الذي لا يحسن القرآن لأنه حمله على الذي لا يحسن القراءة وقال: إنه لم يفرق فيها بين أم القرآن وغيرها وهو بعيد في التأويل غير صحيح في النظر. والثاني أن الصلاة خلفه جائزة إذا كان لا يلحن في أم القرآن ولا تجوز إذا كان يلحن في أم القرآن. والثالث أن الصلاة خلفه غير جائزة إذا كان لحنه لحنا يتغير منه المعنى مثل أن يقول إياك بكسر الكاف وأنعمت برفع التاء وما أشبه ذلك ويجوز إذا كان لحنه لا يتغير منه المعنى مثل أن يقول الحمد لله بكسر الدال من الحمد ورفع الهاء من لله وما أشبه ذلك. وهذا قول ابن القصار وعبد الوهاب. والرابع أن الصلاة خلافه مكروهة فإن وقعت لم تجب إعادتها وهو الصحيح من الأقوال، لأن القارئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها، وإلى هذا ذهب ابن حبيب. ومن الحجة في ذلك ما روي أن رسول الله (ص) دخل المسجد فمر بالموالي وهم يقرؤن ويلحنون فقال: نعم ما يقرؤن. ومر بالعرب وهم يقرؤن ولا يلحنون فقال: هكذا أنزل. وأما الألكن الذي لا تتبين قراءته، والألثغ الذي لا يتأتى له النطق ببعض الحروف، والأعجمي الذي لا يفرق بين الظاء والضاد والسين والصاد وما أشبه ذلك، فلا اختلاف أنه لا إعادة على من ائتم بهم وإن كان الائتمام بهم مكروها إلا أن لا يوجد من يرضى به سواهم انتهى. وقال المازري في شرح التلقين: وأما اللحان فاختلف فيه المتأخرون من أصحابنا، فقيل: لا تصح الصلاة خلفه ولو كان لحنه في غير أم القرآن. قاله الشيخ أبو الحسن. وقيل: إن كان لحنه في أم القرآن لم تصح الصلاة خلفه، وإن كان في غير أم القرآن أجزأت الصلاة خلفه. قال ابن اللباد ووافقه ابن أبي زيد، ورأي أن الأمم لا تصح صلاته أيضا. وقيل: إن كان لحنه لا يغير معنى صحت إمامته ما لم يتعمد ذلك فتفسد بتعمده، وإن كان لحنه يغير المعنى لم تصح إمامته وإليه ذهب القاضيان.
وحكى اللخمي قولا رابعا وهو الجواز على الاطلاق ولم أقف إليه ثم قال: وقد قال ابن أبي زيد فيمن صلى خلف من لم يلحق في أم القرآن فليعد، يريد إلا أن تستوي حالهم انتهى.
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»
الفهرست