القول الثاني: إن كان لحنه في أم القرآن لم يصح الاقتداء به، وإن كان لحنه في غيرها صحت الصلاة خلفه وهذا قول ابن اللباد وابن أبي زيد وابن شبلون. قال في التوضيح ابن عبد السلام: وبهذا كان كثير من أدركنا يفتي انتهى. قلت: قال ابن ناجي في شرح المدونة: وشاهدت شيخنا الشبيبي يفتي به القيروان. وكذلك أفتى به غير واحد انتهى. وقيده ابن يونس بأن لا تستوي حال الإمام والمأموم كما تقدم في كلامه وهذا هو القول الثاني في كلام المصنف.
القول الثالث: إن كان لحنه يغير المعنى لم تصح الصلاة خلفه، وإن لم يغير المعنى صحت إمامته. وهذا قول ابن القصار والقاضي عبد الوهاب.
والقول الرابع: إن الصلاة خلفه مكروهة ابتداء، فإن وقع نزول لم تجب الإعادة. وهذا قول ابن حبيب. وقال ابن رشد: إنه أصح الأقوال كما تقدم.
القول الخامس: إن إمامته ممنوعة ابتداء مع وجود غيره فإن أم مع وجود غيره صحت صلاته وصلاتهم. وهذا اختيار اللخمي كما تقدم.
القول السادس: إن الصلاة خلف اللحان جائزة ابتداء، وهذا القول حكاه اللخمي كما تقدم، وأنكره المازري وقال: لم أقف عليه كما تقدم. وقال ابن عرفة قال المازري: نقل اللخمي الجواز مطلقا لا أعرفه. قال ابن عرفة: قلت: عزاه ابن رشد لابن حبيب واختاره انتهى. قال ابن ناجي في شرح المدونة: وفيما قاله ابن عرفة نظر لأنه إنما عزا لابن حبيب الكراهة انتهى. قلت:
ما قاله ابن ناجي ظاهر.
تنبيهات: الأول: لم يذكر المصنف القول بصحة صلاة المقتدي باللحان مطلقا مع أنه هو الذي اختاره اللخمي وابن رشد وقال: إنه أصح الأقوال. ويظهر من كلام غير واحد من الشيوخ ترجيحه. وعلم مما تقدم أن القول السادس ضعيف شاذ، وأن بقية الأقوال الخمسة مرجحة مصححة، وأرجحها ثلاثة، القولان اللذان ذكرهما المصنف والقول الذي رجحه ابن رشد، وأرجحها والله أعلم القول الذي لابن رشد واللخمي: وعلم أيضا مما تقدم أن قول ابن الحاجب والشاذ الصحة غير ظاهر لأن القول بالصحة غير شاذ والله أعلم، ولعله أراد أن يقول والشاذ الجواز.
الثاني: تكلم المصنف على حكم صلاة المقتدي باللحان ولم يذكر حكم صلاته هو في نفسه، وكذلك غيره من الشيوخ لم يذكروا حكم صلاته هو إلا ما يؤخذ من نقولهم السابقة، ولا شك في صحة صلاته على القول الذي اختاره ابن رشد، وعلى القول الذي اختاره اللخمي وعلى القول الضعيف الذي حكاه اللخمي جواز الاقتداء به. وبقي النظر في حكم صلاته على القولين اللذين ذكرهما المصنف وعلى قول القاضي عبد الوهاب وابن القصار بالتفريق بين أن يغير لحنه المعنى أو لا، فلا شك في صحة صلاته في الوجه الذي تصح فيه