الجماعة إذا صلى فذا ليحصل له الألف والمئون؟ فإن صلاها في جمعة ثم أدركها في جماعة أخرى في المساجد الثلاثة، فهل يعيدها؟ فهذا مما اختلف فيه فقهاء الأمصار: فذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا يعيدها، وذهب أحمد وداود إلى أنه يعيد. انتهى. قال في النوادر: ومن مختصر الواضحة قال عبد الملك: ومن صلى في بيته أو غير بيته مع رجل فصاعدا ثم أتى المسجد وهو الذي صلى معه فأقيمت الصلاة فليخرج ولا يصليها معهم، وكذلك من صلى في جماعة في مسجد أو غير مسجد لم يعدها في جماعة إلا تكون التي صلى في جماعة بمكة أو المدينة أو بإيلياء ثم دخل المسجد الحرام أو مسجد النبي (ص) أو بيت المقدس فوجدهم في الصلاة، أو أقيمت عليه تلك فإنه يؤمر أن يصلي معهم، وذلك لفضل الصلاة فيها على غيرها.
واستحب مالك لمن صلى في جماعة في غير هذه المساجد ثم دخل هذه المساجد وهم في الصلاة أن يصليها معهم. وكذلك قال مالك أيضا فيمن أتى مسجدا فوجد أهله قد فرغوا من الصلاة فطمع أن يدركها في مسجد آخر أو في جماعة يجمعها معهم: فلا بأس أن يخرج إن أحب ويذهب إلى حيث يرجو إدراك الصلاة فيه مع الجماعة إلا أن يكون ذلك في أحد المساجد الثلاث المفضلة فلا يخرج عنها وليصل وحده فيها، فإن صلاته فيها فذا خير من الجماعة في غيرها. انتهى. وقال في الذخيرة: قال صاحب الطراز قال ابن حبيب: يعيد من صلى مع الواحد في المسجد الحرام ومسجد المدينة وبيت المقدس لفضل تلك البقاع. وظاهر المذهب خلافه انتهى. ونص كلام صاحب الطراز قال مالك: كل من صلى في جماعة وإن لم يكن معه إلا واحدا فلا يعيد تلك الصلاة في جماعة أخرى. قال ابن حبيب: إلا أن يكون صلى جماعة بمكة أو بالمدينة أو بيت المقدس فإنه يصلي معهم، وذلك لفضل الصلاة فيها على غيرها. وحكى مثله عن مالك، وظاهر المذهب يخالف ما قال فإنه يمنع إعادة ذلك في سائر الكتب المذهبية ولا يستفصل وإنما يعرف في المذهب أن الصلاة فرادى في هذه المساجد أفضل من الجماعة في غيرها، وذلك لأن مالكا رحمه الله تعالى قال فيمن تفوته جماعة المسجد: إنه يخرج إلى جماعة أخرى إلا المسجد الحرام أو مسجد رسول الله (ص) إلى آخر ما تقدم. فلا يبعد في هذا أن يعيدها في جماعة من جمع في غيرها وله وجه بين، لأن صلاة الجماعة لما تضاعفت على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة أعيدت الصلاة الفذ في جماعة لتحصيل هذا التضعيف، فكيف بما يضاعف ألف ضعف؟ انتهى. فانظر قول القاضي سند ومن تبعه أن قول ابن حبيب خلاف ظاهر المذهب وكذا اللخمي مع أن المنصوص في ذلك لمالك كما تقدم عن ابن عبد البر والنوادر، ولذا اعترض ابن عرفة على ابن بشير ومن تبعه لعزوهم ذلك لابن حبيب مع أن المذهب والله أعلم.
تنبيهات: الأول: مسجد بيت المقدس لم ينص عليه مالك في الام وإنما هو رأي ابن القاسم ونصها: قال مالك: إذا أتى الرجل المسجد وقد صلى أهله وطمع أن يدرك جماعة