مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٣٤٨
تجزئهم تلك الركعة التي سجدوا فيها دونه ولا يحتسب جميعهم إلا بثلاث ركعات ويأتي الامام بركعة ويتبعونه فيها. واختلف إذا ذكر الامام وهو قائم في الثانية سجدة من الأولى وقد سجدها من خلفه فقيل: يستحب لمن خلفه أن يعيدوا سجودها معه، وهم بمنزلة من رفع من الركعة أو السجدة قبل إمامه، فإن لم يرجع مع الامام أجزأته رعته. وقال سحنون: يجب عليهم أن يسجدوها معه. وقال ابن القاسم في العتبية: لا يسجدونها معه وسجدتهم الأولى تجزئهم، فإذا أتموا قام الامام ومن سها بسهوه فصلوا ركعة بسجدتيها يؤمهم فيها الإمام قال:
وأحب إلي أن يعيد الذين سجدوا دون الامام وهو أحب إلي من آمرهم أن يسجدوا ثانية فيزيدوا في صلاتهم متعمدين، أو يقوموا معه ولا يسجدوا فيكونوا قد صلوا خمسا انتهى.
وما حكاه اللخمي عن ابن المواز ذكر ابن عرفة أن الشيخ أبا محمد ذكره عنه وهو خلاف ما حكاه ابن رشد عنه فلعل له قولين.
ونقل الهواري كلام اللخمي وقبله وقال: الحاصل أن الامام إذا سها عن فرض من فرائض الصلاة لم يلزم المأموم سهوه إذا فعل ذلك دون الامام في قول ابن المواز وابن القاسم في العتبية، ويلزمه في قول سحنون. وهذا كله فيما عدا النية وتكبيرة الاحرام انتهى. وذكره ابن ناجي في شرحه الكبير على المدونة وقبله، وذكر في التوضيح في شرح مسألة قيام الامام الخامسة آخر كلام اللخمي وعزاه للمازري مع اللخمي، وذكر كلام صاحب البيان وقال بعده:
فيه نظر لأنه نص على أنه إذا لم يسه عنها أحد ممن خلفه وسجدوا ولم يرجع الإمام حتى فاته الركوع، أن ركعة القوم صحيحة باتفاق. وحكى فيما إذا سها بعضهم ولم يسه البعض وسجد ثلاثة أقوال مع فوات التدارك أيضا في حق الامام ولا يظهر بينهما فرق. ومقتضى كلام المازري بل نصه حصول الأقوال الثلاثة فيما إذا لم يسه عنها أحد ممن خلفه، وأيضا فإنه حكى الاتفاق على البطلان في الأولى إذا اتبعوه على ترك السجود عالمين بسهوه ولم يحك ذلك في الثانية فانظر ما الفرق انتهى. والعجب أنه لما تكلم على مسألة ترك الامام السجدة لم يذكر شيئا من هذا الكلام بل استشكل ذلك وبحث فيه بما تقدم والله أعلم. وقال ابن غازي: استشكال التوضيح غير صحيح لأن الامام إذا ترك السجدة وحده صار بمنزلة المستخلف المدرك. وقد ذكر اللخمي عن محمد نحوه في إمام ذكر في تشهد الرابعة سجدة من الأولى وكان القوم سجدوها وقال: فصار الامام بمنزلة المستخلف بعد ركعة. وفي الأجوبة أن الامام إذا شاركه القوم أو بعضهم في إسقاطها فهو كالفذ في البناء وإلا فكالمأموم في القضاء. وأشار إلى أن في كلام ابن يونس شيئا من ذلك وسيأتي ذكره. وما قاله ليس بظاهر لأن المصنف إنما استشكل حكاية ابن رشد الاتفاق واللخمي لم يذكر ذلك، بل لما ذكر قول أبي محمد ذكر في مقابلته قول سحنون. وكذلك ابن يونس لما ذكره عزاه لمحمد فتأمله ونص كلام المازري الذي ذكره في التوضيح.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست