مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٩
الصلاة فلا يأتي به في حال تلبسه بالنجاسة كسائر أركان الصلاة. والمشهور مذهب المدونة، ووجهه أنه استحق سلامه بالنجاسة على خروجه لغسل الدم لما في الخروج من كثرة المنافي وخفة لفظ السلام، وأخذ بعضهم منه أن السلام غير فرض. قال ابن ناجي: والأكثرون لم يعرجوا عليه. وقوله: لا قبله يعني أنه إذا رعف المأموم قبل سلام إمامه فإنه ينصرف لغسل الدم ولا ينتظر الامام حتى يسلم، فإذا غسل الدم فإن طمع بإدراك الامام قبل أن يسلم رجع على المشهور خلافا لابن شعبان، وإن لم يطمع بإدراكه فإن كان في الجمعة فلا بد من رجوعه لأول الجامع، وإن كان في غير الجمعة جلس مكانه وتشهد وسلم.
تنبيهات: الأول: علم مما قررناه أن هذا الحكم غير خاص بالجمعة بل جار في الجمعة وغيرها كما يفهم من كلام المدونة، وأشار إليه صاحب الطراز في كلامه السابق في التنبيه الثالث عشر في شرح قول المصنف وأتم مكانه كما تقدم، وكما نبه عليه شراح ابن الحاجب وجعل المصنف في التوضيح كلام ابن الحاجب خاصا بمسألة الجمعة. قال ابن فرحون: وكذلك ابن هارون وليس كذلك.
الثاني: لم يبين المصنف هنا هل يعيد التشهد إذا غسل الدم وأراد السلام أم لا؟ وقال في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب: فتشهد ثم سلم أي إن لم يتقدم له التشهد، وأما لو تقدم فلا يعيده. ونحوه لابن عبد السلام، ورده ابن عرفة فقال: وقول ابن عبد السلام: إن رعف بعد تشهده لم يعده خلاف نصها المقبول انتهى. يشير إلى قولها السابق: وإذا رعف المأموم بعد فراغه من التشهد قبل أن يسلم الامام ذهب فغسل الدم ثم رجع فتشهد وسلم. قال ابن ناجي:
ما ذكره أنه إذا رجع يتشهد ثانيا وقد كان تشهد أولا هو المشهور، وهو مراد ابن الحاجب بقوله: فلو رعف فسلم الامام ثم رجع فتشهد وسلم. وقال ابن عبد السلام: معناه إن كان لم يتشهد أولا، وأما لو تشهد أولا فإنه يسلم دون تشهد. وقبله خليل وتعقبه بعض شيوخنا بصريح المدونة كما تقدم، وكان شيخنا يعني البرزلي يجيب عنه بأن قوله جار على أحد الروايتين سجد السجود القبلي فإنه لا يتشهد اكتفاء بتشهد الصلاة. وكنت أجيبه بوجهين:
أحدهما: أنهما ليسا سواء لقرب السلام من التشهد الأول وبعده من التشهد في الرعاف لان خروجه وغسله ورجوعه مظنة للطول غالبا. الثاني: هب أنهما سواء، قصارى الامر أن يكون في المسألة قول ثان وهو قصد إلى ذكر المذهب مع أن نص المدونة يدل على خلافه، فكيف يمكن أن يجعل المخرج المذهب انتهى. ولفظ ابن عبد السلام قوله: رجع فتشهد هذا إذا لم يتقدم تشهده قبل الرعاف، ولو تقدم أو تقدم منه مقدار السنة لسلم إذا رجع انتهى. وتعقب ابن فرحون أيضا كلام ابن عبد السلام بأن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد قال في شرحه لابن الحاجب: إنه يعيد التشهد ولو كان قد تشهد لأن من حقه أن يتصل بالسلام ولا يتراخى عنه. ونقل أبو الحسن الطنجي عن أبي الحسن الصغير بأنه يرجع ويتشهد وإن كان قد تشهد،
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست