مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
المشهور ومذهب المدونة. قال في أواخر كتاب الصلاة الأول من المدونة: ومن انصرف من صلاته لحدث أو رعاف ظن أنه أصابه ثم تبين له أنه لا شئ به ابتدأ، أو إذا تعمد الامام قطع صلاته أفسد على من خلفه انتهى. وقال اللخمي في تبصرته: اختلف فيمن ظن أنه رعف أو أحدث فخرج، ثم تبين أنه لم يصبه ذلك، هل يبني، وإن كان إماما هل تفسد صلاتهم؟ فقال مالك: يبتدئ ولا يبني، وظاهر قول ابن القاسم أنه إذا كان إماما لا تفسد عليهم لأنه لم يتعمد. قال ابن سحنون في المجموعة: لأنه خرج بما يجوز له، ويبتدئ الصلاة خلف الذي استخلفه. وقال في كتاب ابنه: إن بنى أبطل عليهم لأنه لا يستطيع أن يعلم ما خرج منه قبل أن يخرج من المحراب إلا أن يكون في ليل مظلم. وقال ابن عبد الحكم: يبني ولا يبطل على من خلفه بمنزلة من ظن أنه سلم فخرج ثم عاد فسلم وهو أقيس لحديث ذي اليدين أنه خرج (ص) وهو يظن أنه قد أتم وتكلم ثم بنى انتهى. فحكى في القطع والبناء قولين لمالك وابن عبد الحكم، وذكر المصنف مسألة الانصراف للحدث في فصل السهو، وعزا الشارح في الكبير والوسط الفرعين هنا وفي باب السهو لصاحب الطراز، وذكر عنه أنه عزا القول: بالبناء في الفرعين لسحنون، وتبع الشارح رحمه الله تعالى في ذلك صاحب الذخيرة فإنه عز القول بالبناء لسحنون ونقله عنه صاحب الطراز، ووقع ذلك في كتاب الطهارة من الطراز عزوه لسحنون، وأحال على ما في كتاب الصلاة ولم يعزه في كتاب الصلاة إلا لابن عبد الحكم، فلعله نقله عن سحنون أيضا أو وقع منه في الطهارة سهو، وعلى ذلك جرى الشارح في الشامل. و أما في الشرح الصغير فلم يذكر القول: بالبناء ولم يعز الفرع لاحد. وتحصل من كلام اللخمي في بطلان صلاة المأمومين قولان: أحدهما: أنها لا تبطل عليهم ويستخلف أو يستخلفون من يتم بهم. والثاني: أنها تبطل إلا أن يكونوا في ليل مظلم. وفي المسألة قول ثالث أنها تبطل مطلقا.
حكاه القاضي في التنبيهات ونصه: وأكثر الشارحين والمختصرين على أنه إن كان إماما فإنه أفسد على من خلفه بدليل قوله بعده - وهو قول مالك " عندنا في الامام - إذا قطع صلاته متعمدا أفسد على من خلفه. وحملها اللخمي على أنها لا تفسد لأنه لم يتعمد واحتج بنفس اللفظ والأول أظهر انتهى. وقال ابن عرفة: وفي بطلان صلاة من خرج منها لرعاف أو حدث ظنه فبان كذبه المشهور واللخمي مع ابن عبد الحكم.
وعلى الأول لو كان إماما في صحة صلاة مأموميه. ثالثها إن كان بحيث لا يمكنه علم كذي ظلمة الأول وهو القول بالصحة مطلقا للباجي مع الشيخ عن سحنون واللخمي عن ابن القاسم، وابن حارث عن ابن عبدوس ويحيى بن عمر مستدلا بقول أشهب: لا يبطلها ضحك عمدا. والثاني وهو القول بالبطلان مطلقا للمدونة مع ابن حارث عن سحنون والباجي عن مقتضى قول ابن القاسم. والثالث وهو التفصيل للصقلي مع اللخمي عن سحنون انتهى بلفظه إلا عز والأقوال ففصلته لأجل البيان، فيكون لسحنون ثلاثة أقوال وعزا الثاني للمدونة
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست