مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
بناء على ما نقله ابن يونس فإنه جعله متصلا بالمسألة الأولى ونصه: قال: من انصرف من صلاته لحدث أو رعاف ظن أنه أصابه ثم تبين أنه لا شئ به ابتدأ الصلاة، ولو كان إماما أفسد على من خلفه ابن القاسم: ومن قول مالك: إن الامام إذا قطع صلاته متعمدا أفسد على من خلفه، ثم ذكر قول سحنون بالتفصيل، ويؤيد كلام ابن يونس ما نقله عياض عن أكثر الشارحين والله أعلم. واقتصر صاحب الطراز على القولين اللذين حكاهما اللخمي.
وذكر ابن ناجي الثلاثة الأقوال وقال: إن قول اللخمي أظهر مما نقله عياض عن أكثر الشارحين لأنه لا فرق بين كون الامام ظن وبين كونه تعمد. لكن نقل ابن يونس عن المدونة أنه لو كان إماما أفسد انتهى بالمعنى. قلت: فظهر أن القول ببطلان صلاة المأمومين أرجح لكونه مذهب المدونة. وقال صاحب الجمع: إنه الصحيح. ونقل عبد الحق في التهذيب في كتاب الصلاة الأول عن سحنون عن ابن القاسم أن صلاة الإمام وصلاة من خلفه باطلة ثم قال: ومعناه إن كان يستطيع أن يعلم ما خرج منه الخ. واقتصر على هذا فجعل الثالث تفسيرا والله أعلم.
تنبيه: قال ابن بشير: من ظن بطلان صلاته بتماديه برعاف أو حدث فانصرف ثم تبين له بطلان ظنه، فأما في الرعاف إذا لم يتكلم ولم يمش على نجاسة فإنه ينتظر، فإن كان بحيث يمكن صحة ما ظنه قبل انصرافه فانصرف قبل التمييز بطلت صلاته بلا خلاف، وإن كان بحيث لا يمكنه التمييز لأنه في ليل مظلم واجتهد فأخطأ ففي بنائه قولان: أحدهما أنه لا يبني وهو المشهور، والشاذ أنه يبني وهما على ما قدمنا في المجتهد يخطئ هل يعذر باجتهاده أم لا.
وأما في الحدث فإن لم يطل فعله بعد الظن كان كالرعاف، وإن طال فعله أو تكلم عامدا بطلت صلاته لأن هذا انصرف على أن صلاته باطلة، والراعف انصرف على أنه يغسل الدم ثم يبني انتهى. قلت: الظاهر في الحدث البطلان مطلقا، ولا يظهر للقول بالبناء: وجه مطلقا لان المحدث خرج على اعتقاد البطلان ولا يشبه من ظنه أنه سلم لأنه خرج على اعتقاد تمام صلاته وصحتها. نعم إنما يتأتى القول: بالبناء على من يجيز البناء في الحدث وهو قول أبي حنيفة كما تقدم والله أعلم.
فرع: قال ابن يونس في فصل الرعاف: قال سحنون: ومن خرج من الصلاة لرعاف ثم شك في الوضوء وهو يغسل الدم فرفع الشك باليقين فابتدأ الوضوء، فلما توضأ ذكر أنه على وضوء فقد بطلت صلاته. انتفى ابن يونس كمن ظن أنه أصابه رعاف وهو في الصلاة فخرج يغسله فإذا هو ماء فقد أبطل صلاته. قال: ولو ذكر أنه متوضئ حين هم بالوضوء قبل أن يعمل شيئا بنى على صلاته انتهى. قلت: إذا عزم على رفض الصلاة وهم بالوضوء فالظاهر بطلان الصلاة، نعم إن تفكر قليلا لما حصل له الشك، ثم ذكر أنه متوضئ فهذا يبني على
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست