مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٣
بقاء الامام وأنه يدرك شيئا من صلاته، أو ظن فراغه وعلم ذلك، فإن لم يرجع إلى الجامع بطلت صلاته، وإلى البطلان في هذه المسألة والمسألة التي قبلها أشار بقوله: بطلتا.
تنبيهات: الأول: مستند الظن في فراغ الامام وبقائه يرجع إلى تقديره واجتهاده أو إلى خبر عدل. قاله صاحب الجمع ويفهم ذلك من كلام ابن بشير.
الثاني: قوله: إذا ظن فراغ إمامه أتم مكانه يريد سواء ظن فراغه عند إتمام غسله وظن أنه الآن باق ولكنه يفرغ وهو في الطريق قبل أن يصل إليه، ففي الصورتين يتم مكانه. هذا هو الظاهر من كلامهم. قال اللخمي: إذا غسل الراعف الدم أتم في موضعه، إذا كان فذا أو مأموما، وكان إذا رجع لم يدرك شيئا من صلاة إمامه انتهى.
الثالث: إذا ظن بقاء الامام فرجع ثم ظن في بعض الطريق فراغ الامام فإنه يتم مكانه إن أمكن وإلا ففي أقرب موضع يمكنه الاتمام فيه، فإن جاوز ذلك بطلت صلاته، وهذا ظاهر، وقد صرح به شراح ابن الحاجب.
الرابع: ظاهر كلام المصنف أنه إذا ظن فراغ الامام أتم مكانه ولو كانت الصلاة في مسجد مكة أو المدينة. وهذا هو المشهور. وروي عن مالك أنه يرجع في مسجد مكة ومسجد الرسول (ص) إلى المسجد ولو سلم الامام. قاله في التوضيح. قال الباجي: فجعل الرجوع لفضيلة المكان انتهى. وعزا ابن عرفة هذه الرواية لرواية النسائي. وقال ابن ناجي في شرح المدونة: وظاهر الكتاب أن مسجد مكة والمدينة كغيرهما وهو كذلك على المشهور. وروى النسائي أنه يرجع إليهما مطلقا. قال الباجي: فجعل الرجوع لفضيلة المكان، وإن لم يكن من شرط صحة الصلاة انتهى. ونحوه لابن فرحون وغيره من شراح ابن الحاجب فجعلوا هذه الرواية خلاف المشهور. وظاهر كلام صاحب الطراز أنها المذهب فإنه قال: فرع: ولو كانت صلاته في المسجد الحرام ومسجد الرسول قال مالك في المدونة: إنه يرجع إلى إتمام الصلاة، فراعى فضل البقعة، وعلى قول ابن شعبان: لا يرجع لذلك انتهى. وتبعه على ذلك القرافي وصدر بالرجوع ثم قال: وعلى قول ابن شعبان: لا يرجع. ويعني بقول ابن شعبان ما سيأتي له: إن الراعف لا يرجع إلا إذا ظن أنه يدرك مع الامام ركعة، وأما إن ظن أنه لا يدرك معه ركعة فلا يرجع لأن ما يدركه في حكم النافلة لأنه زائد على الصلاة ولا ضرورة له في ذلك. وجزم البساطي في المغني بهذه الرواية ولم يذكر غيرها وقال في شرحه: في المذهب رواية أنه يرجع ولو ظن فراغ الامام في المسجدين المعظمين. فاختلف هل هي تقييد فيكون المذهب أنه لا يرجع في غيرها ويرجع فيهما، أو هي خلاف فيكون المشهور أنه يرجع مطلقا وتبطل صلاته ومقابله تبطل في غيرهما؟ انتهى. قلت: والأكثر على الطريقة الأولى ومنهم الباجي في المنتقى والله أعلم.
الخامس: إذا ظن فراغ الامام وأتم مكانه صحت صلاته، سواء أصاب ظنه أو أخطأ، هذا هو المشهور. قال اللخمي: فإن تبين أنه أخطأ في التدبر وأنه كان يدركه لو رجع أجزأته
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست