مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٢
منصوصا. وأما لو لم يجد الثمن أو كان محتاجا إليه أو طلب منه أكثر من الثمن المعتاد فله المجاوزة إلى غيره فيما يظهر والله أعلم.
فرع: ويجوز له أن يشتري الماء في الصلاة بالإشارة والمعاطاة، وقد نص ابن فرحون في الألغاز في مسائل البيوع على أنه يجوز له عقد البيع في الصلاة إذا كان بإشارة حقيقة ومعاطاة. قال: ويفهم ذلك من قول ابن الحاجب في باب السهو: والفعل القليل جدا مغتفر وإن كان بإشارة لسلام أو رده أو لحاجة على المشهور انتهى.
قلت: وهذا في عقد البيع لغير ضرورة، فيكفي بهذه الضرورة المتعلقة بتصحيح الصلاة؟
وقوله: قرب هذا هو الشرط الثاني من شروط البناء وهو أن يكون المكان الذي يغسل الدم فيه قريبا، فإن كان بعيدا بطلت الصلاة.
فإن قلت: ما فائدة هذا الشرط مع قوله: إن لم يجاوز أقرب مكان؟ قلت: لأن قوله أقرب مكان يصدق مع بعد المكان إذا لم يمكنه الغسل إلا فيه فهو أقرب بالنسبة إلى غيره، وإن كان في نفسه بعيدا، وهذا ظاهر بالنسبة إلى المتعارف لأن البعد والقرب من الأمور النسبية، فيقال هذا المكان أقرب من هذا المكان وإن كان بعيدا في نفسه. وقال البساطي:
فإن قلت: فما فائدة قوله: قرب بعد قوله: أقرب. قلت: أظن والله أعلم أن أقرب يصدق على ما إذا بعد المكان إلا أن أحدهما أقرب من الآخر.
قلت: وكلامه يقتضي أن ذلك لا يصدق مع بعد المكان وهو مبني على أن أقرب صيغة تفضيل وهو مقتضى المشاركة في أصل المعنى، فلا بد أن يشترك المكانان في القرب، وما ذكرناه جار على عرف الاستعمال كما ذكرنا والله أعلم.
تنبيه: شرط المصنف أن يكون المكان قريبا، والذي في كلام غيره، إلا أن يكون المكان بعيدا جدا، وبينهما فرق قال اللخمي: ويطلب الماء ما لم يبعد جدا. وقال في الطراز: قال ابن حبيب:
ويطلب الماء ما لم يبعد جدا انتهى. ولم يذكر خلافه. وقال في المقدمات: لما تكلم على البناء ومعناه ما لم يتفاحش بعد الموضع الذي يغسل فيه انتهى. وقال في الذخيرة في شروط البناء: وأن لا يبعد المكان جدا. وقال في التوضيح: قوله: إلى أقرب المياه قالوا: ما لم يتفاحش بعد موضع الغسل فيجب القطع، وقد يفهم ذلك من قوله: أقرب زاد ابن فرحون لأنه يدل إلى أن ثم قريبا وغيره أقرب انتهى. وكان هذا الذي حمل المصنف على قوله: أقرب والظاهر ما تقدم وأن الصلاة لا تبطل إلا إذا تفاحش بعد المكان كما تقدم النص عليه في كلام أهل المذهب، ويتعين حمل كلام المصنف على ذلك والله أعلم. وقال ابن ناجي في شرح المدونة ابن يونس عن ابن حبيب: وليطلب الراعف الماء إلى أقرب موضع يمكنه إذا لم يتفاحش البعد جدا، فإذا وجده في مكان فجازه إلى غيره فذلك قطع لصلاته. قال ابن ناجي: قلت: تبرأ ابن هارون من المسألة الأولى بقوله: قالوا إن
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست