مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٩
ش: يعني أن الراعف إذا بنى ولم يقطع صلاته وخرج لغسل الدم وغسله كما تقدم، ثم رجع ليكمل صلاته فإنه لا يعتد بما مضى من صلاته إلا بالركعة الكاملة بسجدتيها، فلو رعف بعد القراءة وقبل الركوع أو بعد القراءة والركوع أو بعد أن ركع وسجد سجدة واحدة، فإنه لا يعتد بذلك كله إذا رجع ويبتدئ الركعة التي لم تتم من أولها بقراءة الفاتحة ثم السورة، ولا يبني على شئ مما مضى، سواء كان ذلك في الركعة الأولى أو الثانية. قال في المقدمات: وهو ظاهر المدونة عندي، وقد روى ذلك عن ابن القاسم. وقال في التوضيح: إنه المشهور. وقيل: يبني على ما عمل من صلاته سواء رعف في الركعة الأولى أو غيرها، فإن كان رعف بعد القراءة في الأولى أو غيرها، فإذا رجع ركع ولم يعد القراءة، وإن رعف في أثناء القراءة قرأ من الموضع الذي انتهى إليه، وإن رعف وهو راكع ثم رفع رأسه للرعاف فذلك رفع من الركعة، فإذا رجع للقيام وخر منه للسجود، وإن رعف وهو ساجد فرفع للرعاف فذلك رفع للسجدة، فإذا رجع سجد السجدة الثانية، وإن رعف وهو جالس للتشهد فقيامه للرعاف قيام من الجلسة، فإذا رجع ابتدأ بقراءة الركعة الثالثة إلا أن يكون ذلك في مبتدأ الجلوس قبل تمام التشهد الأول فليرجع إلى الجلوس حتى يتم التشهد. قال في المقدمات: وهذا قول ابن حبيب، وحكاه عن ابن الماجشون، وعزاه المصنف في التوضيح وغيره لابن مسلمة، واستظهره هو وابن عبد السلام وغيرهما، وحكى في المقدمات ثالثا وهو أنه إن كان في الركعة الأولى استأنف الاحرام، وإن كان في الثانية ألغى ما مضى منها واستأنف الركعة من أولها بالقراءة. ورابعا وهو أنه إن كان في الأولى استأنف الاحرام، وإن كان في الثانية بنى على ما مضى منها. روى هذا عن ابن الماجشون، وعزا الثالث لابن القاسم، وروايته عن مالك في رسم سلعة سماها وتأولت المدونة عليه، وذكر ابن عرفة أن الثالث يفصل بين الأولى فلا يبني على جزئها، وغير الأولى يبني على ما مضى منها، ولم يقل: إنه يستأنف الأول بإحرام. وعزاه لابن حارث عن أشهب وابن الماجشون فيكون في المسألة خمسة أقوال.
تنبيهات: الأول: وجه قول ابن القاسم: إن الفصل بين أجزاء الركعة ممنوع منه ولذلك حكموا بفوات الركعة إذا فصل بين ركوعها وسجودها بركوع ركعة أخرى سهوا، ووجه القول الثاني: إن الخروج لغسل الدم لما لم يكن مانعا من إتمام الصلاة ولا فاصلا بين ركعاتها لم يكن فاصلا بين أجزاء الركعة. وأيضا فإنه فصل مباح بين أجزاء الركعة فلا يكون مانعا كالكذب في الصلاة، ولان في عدم البناء زيادة في أفعال الصلاة. وقال في الذخيرة. الموالاة شرط في الصلاة بالاجماع، فلا يجوز التفريق بين ركعاتها ولا بين أجزاء ركعاتها. فمن لاحظ أن الرعاف مخل بها سوى بين الركعات وأجزائها، ومن لاحظ أن الركوع الواحد كالعبادة المستقلة والصلاة المنفردة لأن الشارع قد خصها بأحكام إدراك الأوقات وفضيلة الجماعة والجمعات وتحصيل الأداء فصارت أولى بالموالاة في نفسها، فلا يلزم من إهمال الموالاة في جملة الصلاة إهمالها في الركعة وهو المشهور انتهى. وأما الأقوال الآخر فوجهها: إن البناء إنما
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست