مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
ويسجد لسهوه، إلا أن يكون كلامه والامام لم يفرغ من صلاته فإنه يحمله عنه. قلت: وهذا الحكم جار على حكم الكلام في الصلاة في غير الراعف، والأول قصر الرخصة على محل ورودها. وأيضا إذا حصل الكلام كثرت الأفعال المنافية للصلاة. ووجه صاحب الطراز هذا القول بأن حاله لما كانت منافية لحال المصلين ولم يبق معه من صفات المصلين إلا ترك الكلام فقط، فإذا انخرم هذا الوصف انسلبت عنه سائر صفات المصلين وخرج من حكم الصلاة انتهى. وحكى ابن يونس ثالثا عن ابن الماجشون أنه إن تكلم في ذهابه أبطل، وإن تكلم في رجوعه للصلاة لم تبطل. قال ابن يونس: قال بعض أصحابنا: لأنه إذا تكلم راجعا فهو في عمل الصلاة فأشبه كلامه سهوا في أضعاف الصلاة، وإذا تكلم في انصرافه فإنما هو مشتغل بغسل الدم وهذا ليس بقوي، لأن حكم الصلاة عليه قائم، سواء تكلم في سيره أو في رجوعه انتهى. قال في التوضيح: وحكى ابن بشير وابن شاس رابعا عكس الثالث أنه إن تكلم في مسيره لم تبطل، وإن تكلم في عودته بطلت ولم يعزواه انتهى. قلت: عزوه لابن بشير سهو وإنما ذكره ابن شاس وله عزاه ابن عرفة واعترضه فقال: ونقل ابن شاس الثالث معكوسا خلاف ما تقدم، وقال ابن ناجي في شرح المدونة: قول خليل: حكاه ابن بشير وهم لا شك فيه ولم يذكره ابن شاس على أنه رابع قال: فإن تكلم ساهيا ففي البطلان ثلاثة أقوال، ولذلك قوي الظن بأنه وهم في النقل، وكذلك جزم صاحب الجمع بأنه وهم في ذلك وأنه أراد نقل الأقوال الثلاثة التي حكاها ابن بشير فوهم.
تنبيهات: الأول: نسب صاحب الطراز القول: بالبطلان بالكلام سهوا مطلقا لابن الماجشون، ونسب القول: بالتفصيل بين أن يكون في الذهاب أو في الرجوع لابن حبيب عكس ما تقدم، فلعل لكل واحد قولين أو وقع ذلك منه سهوا. واقتصر المصنف على القول:
بالبطلان ولو كان الكلام سهوا، لأنه موافق لظاهر المدونة. قال في كتاب الصلاة الثاني من المدونة في كتاب الاستخلاف: وإن قال: يا فلان تقدم فإن كان راعفا فقد أفسد على نفسه ولا يبني انتهى. فظاهره، سواء قال ذلك عمدا أو سهوا، لكن قوة الكلام تدل على أن المراد أنه قال ذلك عمدا. وقال ابن يونس في باب الرعاف: قال في كتاب الصلاة: وإن رعف الامام فلما خرج تكلم بطلت صلاته، قال ابن الماجشون: تكلم سهوا أو عمدا. ابن يونس: يريد للحديث أنه يبني ما لم يتكلم فهو على عمومه. وقال البساطي: لا يظهر لقوله: ولو سهوا معنى لأن هذه شروط عدمية مجموعها ملزوم الصحة وضد أحدها ملزوم لضد الصحة، والمبالغة إنما تكون في هذا فتأمله. قلت: بل الذي يظهر أن لذلك فائدة وهي أنه لما شرط في البناء عدم الكلام بالغ في ذلك فقال: ولو كان الكلام سهوا فإنه يشترط عدمه فتأمله.
الثاني: لو تكلم عمدا لاصلاح الصلاة فهل تبطل ذلك صلاته ويمنع البناء أم لا؟ لم أر فيه نصا، والظاهر أنه لا تبطل الصلاة فتأمله.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست