مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٨
كان لطخه يتعين أن يكون هكذا بكاف التشبيه الداخلة على إن الشرطية ويكون مشيرا به إلى الحال الثانية وهي أن يسيل الدم أو يقطر ويتلطخ به في ثيابه أو بدنه بأكثر القدر المعفو عنه.
قال في المقدمات: من شروط البناء أن لا يسقط على ثوبه أو بدنه من الدم ما لا يغتفر لكثرته، وقد تقدم الاختلاف في حده لأنه إن سقط من الدم على ثوبه أو جسده كثير بطلت صلاته باتفاق انتهى. ونحوه لابن بشير وابن شاس وصاحب الذخيرة، ونبه على ذلك ابن هارون وابن راشد كما نقله صاحب الجمع. وعلى هذا فمعنى قول المصنف: قطع أنه بطلت صلاته فلا يجوز له التمادي فيها، ولو بنى عليها لم تصح لا أنه يحتاج إلى أن يقطعها كما في قوله:
وإلا فله القطع وندب البناء كما سيأتي ولا بد من هذه الكاف لئلا يفسد الكلام فإنه لو سقطت الكاف يصير شرطا، وحينئذ إما أن يجعل شرطا لقوله: فإن زاد عن درهم قطع ولا قائل باشتراط التلطخ في ذلك، بل نفس الزيادة عن الدرهم موجبة للقطع وهي من التلطخ، وإما أن يجعل شرطا لقوله: فتله بأنامل يسراه وهو واضح الفساد، ويفسد بذلك بقية الكلام أعني قوله: وإلا فله القطع ولهذا قال البساطي لما حمله على الشرط: معناه أنه إذا أزاد الدم الذي يرشح على الدرهم قطع شرط مركب من أمرين على البدل: أحدهما إذا لطخ ثيابه، والثاني إذا خشي تلوث مسجد والله تعالى أعلم بصحة هذا الكلام على هذا المعنى. ولنذكر كلام ابن الحاجب فذكره، وذكر كلام المصنف في التوضيح عليه ثم قال: فأنت ترى القطع في الذي يرشح ويفتله إذا زاد من غير شرط والقطع في الذي يسيل بالشرط من غير تعرض لقدر ثم قال: في قوله: وإلا فله القطع وندب البناء كلام مشكل بناء على إشكال الكلام المتقدم انتهى. وأما الشارح فجعل قوله: فإن زاد على درهم الخ إشارة للحالة الثانية من غير تبيين لمراد المصنف، وكذلك الأقفهسي فيتعين إثباته الكاف ليزول بذلك الاشكال ويصير به الكلام في غاية الحسن والكمال. وأما قوله: أو خشي تلوث مسجد فهو من تمام مسألة الأولى ويشير به إلى ما قاله سند ونقله عند القرافي في ذخيرته، ونص كلام القرافي: والفتل إنما شرع في مسجد مخصب غير مفروض حتى ينزل المفتول في خلاف الحصباء، أما المفروش فيخرج من أول ما يسيل أو يقطر أحسن لأنه ينجس الموضع انتهى. ونص كلام سند بعد أن تكلم على الفتل: وهذا الذي قلناه إنما يكون في غير المسجد أو في مسجد محصب غير مفروش، فيكون ما يسقط من تفتيله للدم ينزل لرقته في خلال الحصباء، أما المفروش فخروجه من أول ما يسيل أو يقطر أحسن، لأنه إذا قتل ذلك سقط على الفراش فينجس الموضع، فإن فتله فذلك خفيف لأن ذلك يستهلك، وقد ينزل بين السمار لأنه في حكم التراب يدخل في خلال الأشياء انتهى. وكأنه يعني إذا كان الدم يسيل ويذهبه الفتل. وقوله: ينزل المفتول في خلال الحصباء كأنه والله أعلم يعني ما يحصل من حك الأصابع مما يتجسد عليها من الدم والله أعلم. وقوله: وإلا فله القطع وندب البناء يشير به إلى الحالة الثانية وهي أن يسيل الدم أو
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست