مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٥١
المنصف الاشتراط لابن هارون فقال: واشترط ابن هارون أن يمسك أنفه من أعلاه لأنه إذا أمسكه من أسفله بقي الدم في داخل الانف، وحكمه حكم الظاهر على سطح الجسد. قال ابن عبد السلام: فيه نظر والمحل محل ضرورة انتهى. وهكذا عزاه ابن ناجي في شرح المدونة لابن هارون فقال: وعبر عنه ابن عبد السلام ببعض المعاصرين ومرضه بقوله: وفيه تكلف.
قلت: والذي ذكره ابن فرحون وصاحب الجمع عن ابن هارون أنه ذكر ذلك عن بعضهم ولم يذكرا عنه أنه قاله من عنده، ولا أنه صرح باشتراط ذلك بل قالا: قال ابن هارون عن بعضهم: إنه يمسك أعلاه. والذي قاله ابن عبد السلام من التخفيف ظاهر لا شك فيه، وقد خففوا في الحالة الأولى اختضاب الأنامل العليا ومن لازم ذلك اختضاب باطن الانف وقالوا: إنه لا يجوز القطع مع ذلك فكيف باختضاب الانف الذي هو محل خروج الدم؟ بل لا بد وأن يكون المحل كله قد تلوث بالنجاسة فتأمله، وهذا فيما يتعلق بالرعاف، وأما ما استفيد من هذا الكلام وهو كون داخل الانف، حكمه حكم ظاهر الجسد في إزالة النجاسة، فقد قبله ابن هارون وابن عبد السلام والمصنف وغيرهم وهو ظاهر والله أعلم. وقول المصنف:
ليغسل بيان لما يفعله إذا خرج، قوله: إن لم يجاوز أقرب مكان ممكن هو الشرط الأول من شروطه وهو أن لا يجاوز أقرب مكان يمكنه غسل الدم فيه، فإن تعدى الأقرب إلى غيره بطلت صلاته، قال في المقدمات: باتفاق وذلك لأنه أتى في الصلاة بزيادة مستغنى عنها. قال ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح: هكذا قالوا ولم يفصلوا بين الزيادة الكثيرة والقليلة انتهى. ونقله ابن ناجي في شرح المدونة عن ابن عبد السلام وقال بعده: وتبريه لا معنى له لان خروجه وغسل الدم وبناءه رخصة، فإذا انضاف إلى ذلك أمر مستغنى عنه كثير المنافي فتبطل بخلاف غيره انتهى. وقال ابن فرحون: قال بعض الشراح: وفي شرح الجلاب - وأظنه اللباب - أن في الزيادة اليسيرة قولين انتهى. وكأنه يشير إلى صاحب الجمع فإنه ذكر ذلك، وظاهر كلام غير واحد أنه لا فرق بين اليسيرة والكثيرة ولذلك أطلق المصنف. وقال البساطي:
فإن قلت: قد يكون ذلك قريبا جدا بحيث إنه لو فعل مثله في الصلاة لم يضر كالتقدم إلى فرجة. قلت: التقدم إلى فرجة منفرد وهذا منضم إليه هذه الأفعال التي الأصل أن لا تصح الصلاة معها انتهى.
قلت: وهو نحو ما تقدم عن ابن ناجي وينبغي أنه لا يختلف في أن مجاوزته بنحو الخطوتين والثلاث لا تضر فتأمله. وقوله: ممكن يعني به أن مجاوزة الأقرب إنما تضر إذا كان يمكنه الغسل فيه، وأما إذا كان لم يمكنه الغسل فيه فلا تضر مجاوزته في البناء. والمراد بالممكن ما يمكنه الوصول إليه قاله ابن راشد ونقله ابن فرحون ونحوه للباجي في المنتقى.
فرع: فإن وجد الماء في موضع بشراء وطلب منه الثمن المعتاد في ذلك الموضع وكان قادرا عليه وغير محتاج إليه وتجاوزه إلى غيره، فالظاهر أن ذلك يبطل صلاته، ولم أره
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست