مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ١٤٥
قلت: ما ذكره ابن هارون من التفصيل بين ما يفسده الغسل وما لا يفسد هو الظاهر، فينبغي أن يحمل عليه كلام ابن رشد وقول ابن حبيب وكلام المصنف. وعلل عبد الحق في التهذيب وصاحب الطراز قول ابن حبيب: بخوف التلطخ بالنجاسة واعترضوه وقالوا: قول ابن مسلمة أصح لأنه لا يؤمر بترك الفرض من الركوع والسجود لأجل التلطخ بالدم، وهذا التعليل غير صحيح بدليل أنه إذا خشي تلطخ جسده لا يومئ اتفاقا، فالعلة في جواز الايماء خوف تلطخ الثوب إنما هي إفساده بالغسل، وإذا كانت العلة إنما هي إفساده بالغسل فيتعين أن يقيد ذلك بما يفسده الغسل فتأمله.
تنبيهات: الأول: قال في التهذيب الطالب: مما علق عن الشيخ أبي الحسن يعني القابسي أنه إنما ومئ إذا كان إذا صلى قائما لم يقطر منه الدم ولم يسل وإذا انحط للركوع والسجود سال الدم، وأما لو كان لا ينقطع عنه الدم قائما أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا، فليصل راكعا أو ساجدا من غير إيماء وإن سال عنه الدم انتهى بالمعنى.
قلت: هذا يرجع إلى ما تقدم، وينبغي أن يفصل فيه فإنه إن كان إذا صلى قائما لا يسيل منه شئ وإذا ركع وسجد سال ولا يخاف ضررا، فإن خشي بسيلانه تلطخ ثوبه أومأ، فإن خشي تلطخ جسده لم يومئ، وأما إن كان يسيل منه في القيام والركوع أو السجود فإن كان لا يخاف ضررا بالركوع والسجود صلى راكعا وساجدا، وإن خاف الضرر أومأ، ولا ينبغي أن يحمل قوله: صلى راكعا أو ساجدا على إطلاقه ولو أدى إلى ضرورة والله أعلم.
الثاني: قال في الطراز: إذا قلنا: يومئ للضرورة، فهل يومئ للسجود فقط أو للركوع والسجود؟ اختلف فيه، قال ابن حبيب: يصلي إيماء وليس عليه أن يركع ويسجد ولكن يقوم ويقعد. وقال القاضي في معونته: يومئ للسجود ويأتي بالقيام والركوع وهو أظهر إن لم يخيف زيادة العلة لأنه في ركوعه لا يلحقه من ضرورة الدم أكثر مما يلحق في إيمائه إذ يمكنه أن يركع وينصب وجهه انتهى.
قلت: وهذا لا ينبغي أن يعد خلافا، وإنما ينظر إلى حصول الضرر. فإن كان لا يخاف بركوعه زيادة ضرر فيركع، ولا يخالف في ذلك ابن حبيب وإن خاف حصول ضرر بذلك جاز له الايماء، ولا يخالف في ذلك القاضي، وحكم الايماء لتلطخ الثوب عند من أجاز الايماء بسببه حكم حصول الضرر فتأمله والله أعلم.
الثالث: إذا قلنا: يومئ للركوع والسجود فقال في تهذيب الطالب عن الشيخ أبي الحسن: إنه يومئ للركوع من قيام وللسجود من جلوس. ونقله المصنف في التوضيح والشيخ أبو الحسن ولم يحك فيه خلافا وهو ظاهر والله أعلم.
الرابع: لو ظن الدوام وصلى آثما ثم زال قبل خروج الوقت لم يعد على ما نقله. قال ابن رشد: ونقله ابن عرفة وصاحب الشامل، وتقدم في كلام صاحب الطراز ما يخالفه. ص:
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست