إذا كان المسجد مفروشا بالحصر أو بالبسط وخشي تلطخه لذلك الفرش بالدم فإنه يقطع الصلاة ويخرج من المسجد ثم يصلي كما تقدم. قال ابن غازي: وهذا الشرط لا بد منه، ولا أعرفه في هذا الفرع بعينه إلا للشار مساحي فإنه قال: فإن علم أنه لا ينقطع فلا معنى لقطع صلاته التي شرع فيها، وسواء كان في بيته أو في المسجد إذا كان محصبا أو ترابا لا حصير عليه، لأن ذلك ضرورة فيغسل الدم بعد فراغه كما ترك الأعرابي يتم بوله في المسجد انتهى.
أي فإن كان في مسجد محصر وخشي تلويثه قطع. انتهى كلام ابن غازي. وكلام الشارح في الوسط غير ظاهر فإنه قال: واحترز بقوله: إن لم يلطخ فرش مسجد مما إذا خشي عليها ذلك فإنه يومئ للركوع والسجود. قاله في المقدمات. والصواب ما قاله في الصغير ونصه: قوله: إن لم يلطخ فرش مسجد أي وأما إن لطخه فإنه يخرج ولا يتمها فيه، وأخرج بذلك ما لو لم يكن فرش أو كان في غير مسجد فإنه يتمادى انتهى. وكلامه في الكبير حسن. ص: (وأومأ لخوف تأذيه أو تلطخ ثوبه لا جسده) ش: يعني أنه إذا قلنا: يتم الصلاة ولا يقطع لأجل الدم إذا ظن دوامه لآخر الوقت المختار فإنه إن قدر على الركوع والسجود ركع وسجد، وإن لم يقدر على ذلك فإن كان لخوف تأذي جسده وحصول ضرر في بدنه كما لو كان رمدا أو خاف نزول الدم في عينه أو خاف أنه متى انحنى راكعا أو ساجدا انصرفت المادة إلى وجهه فيزيد رعافه، فإنه يومئ اتفاقا، وإن كان ذلك لخوف تلطخ ثوبه بالدم ففيه طريقان: الأولى: لابن رشد جواز الايماء إجماعا.
الثانية: لغيره حكوا في جواز الايماء قولين: الجواز لابن حبيب، وعدمه لابن مسلمة. ولما قوي القول: بجواز الايماء لحكاية ابن رشد الاجماع عليه، اقتصر المصنف عليه وإن كان ذلك لخوف تلطخ جسده فلا يجوز له الايماء اتفاقا إذ الجسد لا يفسده الغسل. قال ابن غازي: هذا تحصيل المصنف في التوضيح.
قلت: وأصله لابن هارون ونقله عنه صاحب الجمع. وقال في توجيه قول ابن حبيب:
إنه يومئ لخوف تلطخ ثوبه خوفا من ساد ثيابه بالدم، وقد أباح الشرع التيمم إذا زيد عليه في ثمن الماء ما يضربه حفظا للمال فكذلك هذا، وهذا قد لا يتم لأن الخصم يمنع كون الغسل فسادا في الثياب، وينبغي أن يفصل فيه بين ما يفسده الغسل وما لا يفسده فيومئ في الأول دون الثاني انتهى. ونقله ابن فرحون وقبله.