مضرا به فيركب ولا شئ عليه على مثل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا إسرائيل أن يتم صومه ويتنحى عن الشمس فأمره بالذي فيه البر ولا يضر به ونهاه عن تعذيب نفسه لأنه لا حاجة لله في تعذيبه وكذلك الذي يمشي إذا كان المشي تعذيبا له يضر به تركه ولا شئ عليه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أن رجلا قال إن شفى الله فلانا فلله على أن أمشي لم يكن عليه مشي حتى يكون نوى شيئا يكون مثله برا فإن لم ينو شيئا فلا شئ عليه لأنه ليس في المشي إلى غير مواضع البربر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو نذر فقال على المشي إلى إفريقية أو العراق أو غيرهما من البلدان لم يكن عليه شئ لأنه ليس لله طاعة في المشي إلى شئ من البلدان وإنما يكون المشي إلى الموضع الذي يرتجي فيه البر وذلك المسجد الحرام وأحب إلى لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة أن يمشي وإلى مسجد بيت المقدس أن يمشي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد بيت المقدس) ولا يبين لي أن أوجب المشي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد بيت المقدس كما يبين لي أن أوجب المشي إلى بيت الله الحرام وذلك أن البر بإتيان بيت الله تعالى فرض والبر بإتيان هذين نافلة وإذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولا نية له فالاختيار أن يمشي إلى بيت الله الحرام ولا يجب ذلك عليه إلا بأن ينويه لأن المساجد بيوت الله وهو إذا نذر أن يمشي إلى مسجد مصر لم يكن عليه أن يمشي إليه ولو نذر برء أمرناه بالوفاء به ولم يجبر عليه وليس هذا كما يؤخذ للآدميين من الآدميين هذا عمل فيما بينه وبين الله عز وجل لا يلزمه إلا بإيجابه على نفسه بعينه وإذا نذر الرجل أن ينحر بمكة لم يجزه إلا أن ينحر بمكة وذلك أن النحر بمكة برء وإن نذر أن ينحر بغيرها ليتصدق لم يجزه أن ينحر إلا حيث نذر أن يتصدق وإنما أوجبته وليس في النحر في غيرها برء لأنه نذر أن يتصدق على مساكين ذلك البلد فإذا نذر أن يتصدق على مساكين بلد فعليه أن يتصدق عليهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل غلامي حر إلا أن يبدو لي في ساعتي هذه أو في يومي هذا أو أشاء أو يشاء فلان أن لا يكون حرا أو امرأته طالق إلا أن أشاء أن لا تكون طالقا في يومي هذا أو يشاء فلان فشاء أو شاء الذي استثنى مشيئته لم يكن العبد حرا ولا المرأة طالقا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل أنا أهدي هذه الشاة نذرا أو أمشي نذرا فعليه أن يهديها وعليه أن يمشي إلا أن يكون أراد أني سأحدث نذرا أو أني سأهديها فلا يلزمه ذلك وهو كما قاله لغير إيجاب فإذا نذر الرجل أن يأتي موضعا من الحرم ماشيا أو راكبا فعليه أن يأتي الحرم حاجا أو معتمرا ولو نذر أن يأتي عرفة أو مرا أو موضعا قريبا من الحرم ليس بالحرم لم يكن عليه شئ لأن هذا نذر في غير طاعة وإذا نذر الرجل حجا ولم يسم وقتا فعليه حج يحرم به في أشهر الحج متى شاء وإن قال على نذر حج إن شاء فلان فليس عليه شئ ولو شاء فلان إنما النذر ما أريد الله عز وجل به ليس على معاني الغلق ولا مشيئة غير الناذر وإذا نذر أن يهدي شيئا من النعم لم يجزه إلا أن يهديه وإذا نذر أن يهدي متاعا لم يجزه إلا أن يهديه أو يتصدق به على مساكين الحرم فإن كانت نيته في هذه أن يعلقه سترا على البيت أو يجعله في طيب البيت جعله حيث نوى ولو نذر أن يهدي مالا يحمل مثل الأرضين والدور باع ذلك فأهدى ثمنه ويلي الذي نذر الصدقة بذلك وتعليقه على البيت وتطييبه به أو يوكل به ثقة يلي ذلك له وإذا نذر أن يهدي بدنة لم يجزه فيها إلا ثني من الإبل أو ثنية وسواء في ذلك الذكر والأنثى والخصي وأكثرها ثمنا أحب إلى وإذا لم يجد بدنة أهدى بقرة ثنية فصاعدا وإذا لم يجد بقرة أهدى سبعا من الغنم ثنيا فصاعدا إن كن معزى أو جذعا فصاعدا إن كن ضأنا وإن كانت نيته على بدنة من الإبل دون البقر فلا يجزيه أن يهدي مكانها من البقر
(٧٣)