في أن بيعها محرم فأما من عصر عنبا فباعه عصيرا فهو في الحال التي باعه فيها حلال كالعنب يشتريه كما يأكل العنب وأحب إلى له أن يحسن التوقي فلا يبيعه ممن يراه يتخذه خمرا فإن فعل لم أفسخ البيع من قبل أنه باعه حلالا ونية صاحبه في إحداث المحرم فيه لا تحرم الحلال ولا ترد شهادته بذلك من قبل أنه قد يعقد ربا ويتخذ خلا فإذا كانت الحال التي باعه فيها حلالا يحل فيها بيعه وكان قد يتخذ حلالا وحراما فليس الحرام بأولى به من من الحلال بل الحلال أولى به من الحرام وبكل مسلم (قال) وإذا شهد الشهود بشئ فلم يحكم به الحاكم حتى يحدث للشهود حال ترد بها شهادتهم لم يحكم عليه ولا يحكم عليه حتى يكونوا عدولا يوم يحكم عليه ولكنه لو حكم بشهادتهم وهم عدول ثم تغيرت حالهم بعد الحكم لم يرد الحكم لأنه إنما ينظر إلى عدلهم يوم يقطع الحكم بهم (قال) وإذا شهد الشهود على رجل فادعى جرحتهم أجل في جرحتهم بالمصر الذي هو به وما يقاربه فإن جاء بها وإلا أنفذ عليه الحكم ثم إن جرحهم بعد لم يرد عنه الحكم وإن جاء ببعض ما يجرحهم مثل أن يأتي بشاهد واستأجل في آخر رأيت أن يضرب له أجلا يوسع عليه فيه حتى يجرحهم أو يعوزه ذلك فيحكم عليه (قال) وإذا شهد الرجل بشهادة ثم رجع إلى الحاكم فشك فيها أو قال قد بان لي أني قد غلطت فيها لم يكن للحاكم أن ينفذها ولا يناله بعقوبة لأن الخطأ موضوع عن بني آدم فيها هو أعظم من هذا وقال له لقد كنت أحب أن تتثبت في الشهادة قبل أن تثبت عليها فإن قال قد غلطت على المشهود عليه الأول وهو هذا الآخر طرحتها عن الأول ولم أجزها على الآخر لأنه قد أطلعني على أنه قد شهد فغلط ولكن لو لم يرجع حتى يمضي الحكم بها ثم يرجع بعد مضي الحكم لم أرد الحكم وقد مضى وأغرمهما إن كانا شاهدين على قطع دية يد المقطوع في أموالهما حالة لأنهما قد أخطأ عليه وإن قال عمدنا أن نشهد عليه ليقطع وقد علمنا أنه سيقطع إذا شهدنا عليه جعلنا للمقطوع الخيار إن شاء أن يقطع يديهما قصاصا وإن شاء أن يأخذ منهما دية يده * أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي عن علي رضي الله تعالى عنه (قال) وإذا كان الراجع شاهدا واحدا بعد مضي الحكم فالقول فيه كالقول في الأول يضمن نصف دية يده وإن عمد قطعت يده هو فأما إذا أقرا بعمد شهادة الزور في شئ ليس فيه قصاص فأني أعاقبهما دون الحد ولا تجوز شهادتهما على شئ بعد حتى يختبرا ويجعل هذا حادثا منهما يحتاج إلى اختبارهما بعده إذا بينا أنهما أخطأ على من شهدا عليه فأما لو شهدا ثم قالا لا تنفذ شهادتنا فإنا قد شككنا فيها لم ينفذها وكان له أن ينفذ شهادتهما في غيرها لأن قولهما قد شككنا ليس هو قولهما أخطأنا (قال) وإذا شهد الشهود لرجل بحق في قصاص أو قذف أو مال أو غيره فأكذب الشهود المشهود له لم يكن له بعد إكذابهم مرة أن يأخذ بشئ من ذلك الذي شهدوا له به وهو أولى بحق نفسه وأحرى أن يبطل احكم به إذا أكذب الشهود وإنما له شهدوا وهو على نفسه أصدق ولو لم يكذب الشهود ولكنهم رجعوا وقد شهدوا به يقذف أو غيره لم يقض له بشئ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى الرجوع عن الشهادات ضربان فإذا شهد الشاهدان أو الشهود على رجل بشئ يتلف من بدنه أو ينال مثل قطع أو جلد أو قصاص في قتل أو جرح وفعل ذلك به ثم رجعوا فقالوا عمدنا أو ينال ذلك منه بشهادتنا فهي كالجناية عليه ما كان فيه من ذلك قصاص خير بين أن يقتص أو يأخذ العقل وما لم يكن فيه من ذلك قصاص أخذ فيه العقل وعزروا دون الحد، ولو قالوا عمدنا الباطل ولم نعلم أن هذا يجب عليه عزروا وأخذ منهم العقل وكان هذا عمدا يشبه الخطأ فيما يقتص منه وما لا يقتص منه ولو قالا أخطأنا أو شككنا لم يكن في شئ من هذا عقوبة ولا قصاص وكان عليهم فيه الأرش (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو
(٥٧)