في المؤمنين وإنما قلت (1) في الأحرار المؤمنين خاصة بتأول ونحن بالآيتين لا نجيز شهادة أهل الذمة فيما بينهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فرجع بعضهم إلى قولنا فقال لا تجوز شهادة أهل الذمة.
وقال: القرآن يدل على ما قلتم وأقام أكثرهم على إجازتها فقلت له: لو لم يكن عليكم حجة فيما ادعيتم في الآيتين إلا إجازة شهادة أهل الذمة كنتم محجوجين ليس لكم أن تتأولوا على أحد ما قلتم لأنكم خالفتموه وكنتم أولى بخلاف ظاهر ما تأولتم من غيركم. قال فإنما أجزنا شهادة أهل الذمة بآية أخرى، قلنا وما هي؟ قال قول الله عز وجل (حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم) فقلت له: أناسخة هذه الآية عندك (لشهيدين من رجالكم) أو منسوخة بها؟ قال ليست بناسخة ولا منسوخة، ولكن كل فيما نزل فيه: قلت فقولك إذا لا يجوز إلا الأحرار المسلمون ليس كما قلت، قال فأنت تقول بهذا؟ قلت: لست أقول به بل سمعت من أرضى يقول فيه غير ما قلت، قال فإنا نقول هي في المشركين فقلت فقل هي في جماعة المشركين أهل الأوثان وغيرهم لأن كلهم مشرك وأجز شهادة بعضهم لبعض، قال: لا قلت فمن قال هي في أهل الكتاب خاصة. أرأيت إن قال قائل أجيز شهادة أهل الأوثان دون أهل الكتاب لأن أهل الأوثان لم يبدلوا كتابا إنما وجدوا آباءهم على ضلال فتبعوهم وأهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله عز وجل وكتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا هذا من عند الله. فلما بان لنا أن أهل الكتاب عمدوا الكذب على الله لم تكن شهادتهم جائزة فأخبرنا الله عز وجل أنهم كذبة وإذ كنا نبطل الشهادة بالكذب على الآدميين كانوا هم أولى فماذا تقول له ما أعلمه إلا أحسن مذهبا وأقوى حجة منك، قلت له أفتجيز شهادة أهل الذمة على وصية مسلم اليوم كما زعمت أنها في القرآن؟ قال: لا قلت ولم قال هي منسوخة قلت بماذا قال بقوله (ذوي عدل منكم) قلت وما نسخ لم يعمل به وعمل بالذي نسخه قال نعم قلت فقد زعمت بلسانك أنك خالفت القرآن إذ زعمت أن الله شرط أن لا يجوز إلا مسلم وأجزت كافرا وإذا نسخت فيما زعمت أنها نزلت فيه أفتثبت في غير ما نزلت فيه؟ قال: لا قلت فما الحجة في إجازة شهادة أهل الذمة قال إن شريحا أجازها فقلت له أنت تزعم أنها منسوخة بقول الله عز وجل (ذوي عدل منكم) أو (شهيدين من رجالكم) يعني المؤمنين ثم تخالف هذا. قال فإن شريحا أعلم مني: قلت فلا تقل هي منسوخة إذا قال فهل يخالف شريحا غيره؟ قلت: نعم سعيد بن المسيب وابن حزم وغيرهما وفي كتاب الله الحجة التي هي أقوى من هذا وقلت له تخالف أنت شريحا فيما ليس فيه كتاب ولا له فيه مخالف مثله قال إني لأفعل قلت له وكيف تحتج به على الكتاب وعلى ماله فيه مخالف وأنت تدع قوله لرأي نفسك؟ فقال أجزت شهادتهم للرفق لئلا تبطل حقوقهم إن لم نجز شهادتهم بينهم. فقلت له نحن لم نبطل حقوقهم فيما بينهم لهم حكام لم يزالوا يتراضون بهم لا ندخل في أمرهم فإن أرادوا دخولنا في أحكامهم لم ندخل إلا بما أمرنا الله تعالى به من إجازة من أمرنا من المسلمين. وقلت له: أرأيت إذا اعتللت بالرفق بهم لئلا تبطل حقوقهم فالرفق بالمسلمين أوجب أو الرفق بهم؟ (قال) بل الرفق بالمسلمين. قلت له: ما تقول في عبيد عدول مأمونين كانوا بموضع في صناعة أو على حفظ مال فشهد بعضهم لبعض في دم أو مال؟ قال لا تجوز شهادتهم قلت: فما تقول في أهل البحر والأعراب الأحرار المسلمين لا يخالطهم غيرهم إذا لم نجد من يعدلهم من أهل العدل فشهد بعضهم لبعض في دم أو مال؟ قال لا تجوز