وكان ابن أبي ليلى يقول لا نعطيه مما في يدها شيئا لأنها أقرت بما في يدي العصبة (1) وهو سواء في الورثة كلهم ما قالا جميعا (قال الشافعي) وإذا مات الرجل وترك أخته لأبيه وأمه وعصبته فأقرت الأخت بأخ فالقياس أنه لا يأخذ شيئا وهكذا كل من أقر به وهو وارث فكان إقراره لا يثبت نسبة فالقياس أن لا يأخذ شيئا من قبل أنه إنما أقر له لحق عليه في ذلك الحق مثل الذي أقر له به لأنه إذا كان وارثا بالنسب كان موروثا به وإذا لم يثبت النسب حتى يكون موروثا به لم يجز أن يكون وارثا به وذلك مثل الرجل يقر أنه باع داره من رجل بألف فجحده المقر له بالبيع لم نعطه الدار وإن كان بائعها قد كان أقر بأنها قد صارت ملكا له وذلك أنه لم يقر أنها كانت ملكا له إلا وهو مملوك عليه بها شئ فلما سقط أن تكون مملوكة عليه سقط الاقرار له وذلك مثل الرجلين يتبايعان العبد فيختلفان في ثمنه وقد تصادقا على أنه قد خرج من ملك المالك إلى ملك المشتري فلما لم يسلم للمشتري ما زعم أنه ملكه به سقط الاقرار فلا يجوز أن يثبت للمقر له بالنسب حق وقد أحطنا أنه لم يقر له به من دين ولا وصية ولا حق على المقر له إلا الميراث الذي إذا ثبت له ثبت أن يكون موروثا به وإذا لم يثبت له أن يكون موروثا بالنسب لم يثبت له أن يكون وارثا به، وإذا مات الرجل وترك امرأة وولدها ولم يقر بحبل امرأته ثم جاءت بولد بعد موته وجاءت بامرأة تشهد على الولادة فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا أقبل هذا ولا أثبت نسبة ولا أورثه بشهادة امرأة وكان ابن أبي ليلى يقول أثبت نسبه وأورثه بشهادتها وحدها وبه يأخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا مات الرجل وترك ولدا وزوجة فولدت فأنكر ابنه ولدها فجاءت بأربع نسوة يشهدن بأنها ولدته كان نسبه ثابتا وكان وارثا ولا أقبل فيه أقل من أربع نسوة قياسا على القرآن لأن الله عز وجل ذكر شاهدين وشاهدا وامرأتين فأقام امرأتين حيث أجازهما مقام رجل فلما أجزنا النساء فيما يغيب عنه الرجال لم يجز أن نجيز منهن إلا أربعا قياسا على ما وصفت وجملة هذا القول قول عطاء بن أبي رباح، وإذا كان للرجل عبدان ولدا في ملكه كل واحد منهما من أمه فأقر في صحته أن أحدهما ابنه ثم مات ولم يبين ذلك فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول لا يثبت نسب واحد منهما ويعتق من كل منهما نصفه ويسعى في نصف قيمته وكذلك أمهاتهما وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يثبت نسب أحدهما ويرثان ميراث ابن ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته وكذلك أمهاتهما (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وإذا كان لرجل أمتان لا زوج لواحدة منهما فولدتا ولدين فأقر السيد بأن أحدهما ابنه ومات ولا يعرف أيها أقر به فإنا نريهما القافة فإن ألحقوا به أحدهما جعلناه ابنه وورثناه منه وجعلنا أمه أم ولد تعتق بموته وأرفقنا الآخر وإن لم تكن قافة أو كانت فأشكل عليهم لم نجعل ابنه واحدا منهما وأقرعنا بينهما فأيهما خرج سهمه أعتقناه وأمه بأنها أم ولد وأرققنا الآخر وأمه وأصل هذا مكتوب في كتاب العتق، وإذا كانت الدار في يدي رجل فأقام ابن عم له البينة أنها دار جدهما والذي هي في يديه منكر لذلك فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول لا أقضي بشهادتهم حتى يشهدوا أن الجد تركها ميراثا لأبيه ولأبي صاحبه لا يعلمون له وارثا غيرهما ثم توفي أبو هذا وترك نصيبه منها ميراثا لهذا لا يعلمون له وارثا غيره وكان ابن أبي ليلى يقول أقضي له بشهادتهم وأسكنه في الدار مع الذي هي في يديه ولا يقتسمان حتى تقوم البينة على المواريث كما وصفت لك في قول أبي حنيفة ولا يقولان لا نعلم في قول ابن أبي ليلى لكن يقولان لا وارث له غيرهما في قول ابن أبي ليلى وقال أبو يوسف أسكنه ولا
(١٣٨)