لا يجوز لولى غير الآباء أن يزوج امرأة إلا برضاها فلما كانت ممن لا رضا لها لم يكن النكاح لهم تاما وإنما أجزت للسلطان أن ينكحها لأنها قد بلغت أو ان الحاجة إلى النكاح وأن في النكاح لها عفافا وغناء وربما كان لها فيه شفاء وكان إنكاحه إياها كما لحكم لها وعليها، وإن أفاقت فلا خيار لها ولا يجوز أن يزوجها إلا كفؤا، وإذا أنكحها فنكاحه ثابت وترث وتورث، إن غلب على عقلها من مرض أو برسام أو غيره لم يكن له أن ينكحها حتى يتأنى بها فإن أفاقت أنكحها الولي من كان بإذنها، وإن لم تفق حتى طال ذلك ويؤيس من إفاقتها زوجها الأب أو السلطان، وإن كان بها مع ذهاب العقل جنون أو جذام أو برص أعلم ذلك الزوج قبل أن يزوجها وإن كان بها ضني يرى أهل الخبرة بها أنها لا تريد النكاح معه لم أر له أن يزوجها وإن زوجها لم أرد تزويجه لأن التزويج ازدياد لها لا مؤنة عليها فيه، وسواء إذا كانت مغلوبة على عقلها بكرا كانت أو ثيبا لا يزوجها إلا أب أو سلطان بلا أمرها لأنه لا أمر لها.
نكاح الصغار والمغلوبين على عقولهم من الرجال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى في الكبير المغلوب على عقله: لأبيه أن يزوجه لأنه لا أمر له في نفسه وإن كان يجن ويفيق فليس له أن يزوجه حتى يأذن له وهو مفيق في أن يزوج فإذا أذن فيه زوجه ولا أرد إنكاحه إياه وليس لأحد غير الآباء أن يزوجوا المغلوب على عقله لأنه لا أمر له في نفسه ويرفع إلى الحاكم فيسأل عنه فإن كان يحتاج إلى التزويج ذكر للمزوجة حاله فإن رضيت حاله زوجه وإن لم يكن يحتاج إلى التزويج فيما يرى بزمانة أو غيرها لم يكن للحاكم أن يزوجه ولا لأبيه أن يكون تزويجه ليخدم فيجوز تزويجه لذلك، وللآباء ما للأب في المغلوب على عقله وفي الصغيرة والمرأة البكر وللآباء تزويج الابن الصغير ولا خيار له إذا بلغ وليس ذلك لسلطان ولا ولى وإن زوجه سلطان أو ولى غير الآباء فالنكاح مفسوخ لأنا إنما نجيز عليه أمر الأب لأنه يقوم مقامه في النظر له ما لم يكن له في نفسه أمر ولا يكون له خيار إذا بلغ فأما غير الأب فليس ذلك له ولو كان الصبي مجبوبا أو مخبولا فزوجه أبوه كان نكاحه مردودا لأنه لا يحتاج إلى النكاح قال وإذا زوج المغلوب على عقله فليس لأبيه ولا للسلطان أن يخالع بينه وبين امرأته ولا ان يطلقها عليه ولا يزوج واحد منهما إلا بالغا وبعد ما يستدل على حاجته إلى النكاح ولو طلقها لم يكن طلاقه طلاقا، وكذلك لو آلى منها أو تظاهر لم يكن عليه إيلاء ولا ظهار لأن القلم مرفوع عنه. وكذلك لو قذفها وانتفى ولدها لم يكن له أن يلاعن ويلزمه الولد ولو قالت هو عنين لا يأتيني لم تضرب له أجلا وذلك أنها إن كانت ثيبا فقد يأتيها وتجحد وهو لو كان صحيحا جعل القول قوله مع يمينه وإن كانت بكرا فقد تمتنع من أن ينالها فلا يعقل أن يدفع عن نفسه بالقول أنها تمتنع ويمتنع ويؤمر إشارة بإصابتها ولو ارتد لم تحرم عليه لأن القلم مرفوع عنه ولو ارتدت هي فلم تعد إلى الاسلام حتى تنقضي العدة بانت منه وهكذا إذا نكحت المغلوبة على عقلها لم يكن لأبيها ولا لولى غيره أن يخالع عنها بدرهم من مالها ولا يبرئ زوجها من نفقتها ولا شئ وجب لها عليه فإن هربت أو امتنعت منه لم يكن لها عليه نفقة ما دامت هاربة أو ممتنعة وإن آلى منها وطلب وليها وقفه قيل له اتق الله وفئ أو طلق ولا يجبر على طلاق كما لا يجبر لو طلبته هي، وكذلك وإن كان عنينا لم يؤجل لها من قبل أن هذا شئ إن كانت صحيحة كان لها طلبه لتعطاه أو يفارق وإن تركته لم يحمل فيه الزوج على الفراق