كانت إذا بلغت بكرا كانت أحق بنفسها منه أشبه أن لا يجوز له عليها حتى يبلغ فيكون ذلك بإذنها أخبرنا مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها) أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني زيد بن جارية عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب وهي كارهة فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها (قال الشافعي) فأي ولى امرأة ثيب أو بكر زوجها بغير إذنها فالنكاح باطل إلا الآباء في الأبكار والسادة في المماليك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح خنساء ابنة خذام حين زوجها أبوها كارهة ولم يقل إلا أن تشائي أن تبرى أباك فتجيزي إنكاحه لو كانت إجازته إنكاحها تجيزه أشبه أن يأمرها أن تجيز إنكاح أبيها ولا يرد بقوته عليها (قال الشافعي) ويشبه في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرق بين البكر والثيب فجعل الثيب أحق بنفسها من وليها وجعل البكر تستأذن في نفسها أن الولي الذي عنى والله تعالى أعلم الأب خاصة فجعل الأيم أحق بنفسها منه فدل ذلك على أن أمره أن تستأذن البكر في نفسها أمر اختيار لا فرض لأنها لو كانت إذا كرهت لم يكن له تزويجها كانت كالثيب وكان يشبه أن يكون الكلام فيها أن كل امرأة أحق بنفسها من وليها وإذن الثيب الكلام وإذن البكر الصمت ولم أعلم أهل العلم اختلفوا في أنه ليس لأحد من الأولياء غير الآباء أن يزوج بكرا ولا ثيبا إلا بإذنها فإذا كانوا لم يفرقوا بين البكر والثيب البالغين لم يجز إلا ما وصفت في الفرق بين البكر والثيب في الأب الولي وغير الولي ولو كان لا يجوز للأب إنكاح البكر إلا بإذنها في نفسها ما كان له أن يزوجها صغيرة لأنه لا أمر لها في نفسها في حالها تلك وما كان بين الأب و سائر الولاة فرق في البكر كما لا يكون بينهم فرق في الثيب فإن قال قائل فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستأمر البكر في نفسها؟ قيل يشبه أمره أن يكون على استطابة نفسها وأن يكون بها داء لا يعلمه غيرها فتذكره إذا استؤمرت أو تكره الخاطب لعلة فيكون استئمارها أحسن في الاحتياط وأطيب لنفسها وأجمل في الأخلاق وكذلك نأمر أباها ونأمره أيضا أن يكون المؤامر لها فيه أقرب نساء أهلها وأن يكون تفضى إليها بذات نفسها أما كانت أو غير أم ولا يعجل في إنكاحها إلا بعد إخبارها بزوج بعينه ثم كره لأبيها أن يزوجها إن علم منها كراهة لمن يزوجها وإن فعل فزوجها من كرهت جاز ذلك عليها وإذا كان يجوز تزويجه عليها من كرهت فكذلك لو زوجها بغير استئمارها فإن قال قائل وما يدل على أنه قد يؤمر بمشاورة البكر ولا أمر لها مع أبيها الذي أمر بمشاورتها؟
قيل قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (وشاورهم في الامر) ولم يجعل الله لهم معه أمرا إنما فرض عليهم طاعته ولكن في المشاورة استطابة أنفسهم وأن يستن بها من ليس له على الناس ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاستدلال بأن يأتي من بعض المشاورين بالخير قد غاب عن المستشير وما أشبه هذا قال والجد أبو الأب وأبوه وأبو أبيه يقومون مقام الأب في تزويج البكر وولاية الثيب ما لم يكن دون واحد منهم أب أقرب منه ولو زوجت البكر أزواجا ماتوا عنها أو فارقوها وأخذت مهورا ومواريث دخل بها أزواجها أو لم يدخلوا إلا أنها لم تجامع زوجت تزويج البكر لأنه لا يفرقها اسم بكر إلا بأن تكون ثيبا وسواء بلغت سنا وخرجت الأسواق وسافرت وكانت قيم أهلها أو لم يكن من هذا شئ لأنها بكر في هذه الأحوال كلها (وإذا جومعت بنكاح صحيح أو فاسد أو زنا (1) صغيرة كانت بالغا أو غير