أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرت عن ابن سيرين أن امرأة طلقها زوجها ثلاثا وكان مسكين أعرابي يقعد بباب المسجد فجاءته امرأة فقالت له هل لك في امرأة تنكحها فتبيت معها الليلة فتصبح فتفارقها؟ فقال نعم وكان ذلك فقالت له امرأته إنك إذا أصبحت فإنهم سيقولون لك فارقها فلا تفعل فإني مقيمة لك ما ترى واذهب إلى عمر فلما أصبحت أتوه وأتوها فقالت كلموه فأنتم جئتم به فكلموه فأبى وانطلق إلى عمر فقال: الزم امرأتك فإن رابوك بريب فائتني وأرسل إلى المرأة التي مشت بذلك فنكل بها. ثم كان يغدو إلى عمر ويروح في حلة فيقول الحمد لله الذي كساك يا ذا الرقعتين حلة تغدو فيها وتروح (قال الشافعي) وقد سمعت هذا الحديث مسندا متصلا عن ابن سيرين يوصله عن عمر بمثل هذا المعنى.
باب الخيار في النكاح وإذا نكح الرجل المرأة على أنه بالخيار في نكاحها يوما أو أقل أو أكثر أو على أنه بالخيار ولم يذكر مدة ينتهى إليها إن شاء أجاز النكاح وإن شاء رده أو قال على أنى بالخيار يعنى من كان له الخيار أنه إن شاء أجاز النكاح وإن شاء رده فالنكاح فاسد، وكذلك إن كان الخيار للمرأة دونه أو لهما معا أو شرطاه أو أحدهما لغيرهما فالنكاح باطل في هذا كله فإن لم يدخل بها فهو مفسوخ وإن أصابها فلها مهر مثلها بما أصاب منها ولا نكاح بينهما ويخطبها مع الخطاب وهي تعتد من مائه ولو تركها حتى تستبرئ كان أحب إلى (قال الشافعي) وإنما أبطلته بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة فلما كان نكاح المتعة مفسوخا لم يكن للنهي عنه معنى أكثر من أن النكاح إنما يجوز على إحلال المنكوحة مطلقا لا إلى غاية وذلك أنها إذا كانت إلى غاية فقد أباحت نفسها بحال ومنعتها في أخرى فلم يجز أن يكون النكاح إلا مطلقا من قبلها كان الشرط أن تكون منكوحة إلى غاية أو قبله أو قبلهما معا، ولما كان النكاح بالخيار في أكثر من المعنى الذي له فيما نرى فسدت المتعة في أنه لم ينعقد والجماع حلال فيه على ما وصفت من الأبد ولا بحال حتى يحدث له اختيارا حداثا فتكون العقدة انعقدت على النكاح والجماع لا يحل فيها بكل حال فالنكاح في العقدة غير ثابت لم يثبت النكاح بشئ حدث بعدها ليس هو هي فيكون متقدم النكاح غير ثابت في حال وثابتا في أخرى وهذا أقبح من نكاح المتعة لأن نكاح المتعة وقع على ثابت أولا إلى مدة وغير ثابت إذا انقطعت المدة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولم أعلم مخالفا في جملة أن النكاح لا يجوز على الخيار كما تجوز البيوع، فإذا كان الخيار فيه لا يجوز لزم من أعطى هذه الحملة والله تعالى أعلم أن لا يجيز النكاح إذا كان بشرط الخيار.
ما يدخل في نكاح الخيار (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كانت المرأة الحرة مالكة لأمرها فزوجها وليها رجلا بغير علمها فأجازت النكاح أو ردته فهو غير جائز ولا يجوز نكاح المرأة بحال أبدا حتى تأذن في أن تنكح قبل أن تنكح، فإذا أذنت في ذلك في رجل بعينه فزوجها ولى جاز (قال الشافعي) وكذلك إذا أذنت للولي أن يزوجها من رأى فزوجها كفئا فالنكاح جائز وهكذا الزوج يزوجه الرجل بغير إذنه