الخلاف في القسم للبكر وللثيب (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس في القسم للبكر والثيب وقال يقسم لهما إذا دخلا كما يقسم لغيرهما لا يقام عند واحدة منهما شئ إلا أقيم عند الأخرى مثله فقلت له قال الله تبارك وتعالى (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) أفتجد السبيل إلى علم ما فرض الله جملة أنها أثبت وأقوم في الحجة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لا فذكرت له حديث أم سلمة قال فهي بيني وبينك أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت؟) قلت نعم قال فلم يعطها في السبع شيئا إلا أعلمها أنه يعطى غيرها مثله فقلت له: إنها كانت ثيبا فلم يكن لها إلا ثلاث فقال لها إن أردت حق البكر وهو أعلى حقوق النساء وأشرفه عندهن بعفوك حقك إذا لم تكوني بكرا فيكون لك سبع فعلت وإن لم تريدي عفوه وأردت حقك فهو ثلاث قال فهل له وجه غيره؟ قلت لا إنما يخبر من له حق يشركه فيه غيره من أن ينزل من حقه فقلت له يلزمك أن تقول مثل ما قلنا لأنك زعمت أنك لا تخالف الواحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يخالفه مثله ولا نعلم مخالفا له والسنة ألزم لك من قوله فتركتها وقوله.
قسم النساء إذا حضر السفر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا عمى محمد بن علي بن شافع عن ابن شهاب عن عبيد الله عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها وبهذا أقول إذا حضر سفر المرء وله نسوة فأراد إخراج واحدة للتخفيف من مؤنة الجميع والاستغناء بها فحقهن في الخروج معه سواء فيقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها للخروج خرج بها فإذا حضر قسم بينها وبينهن ولم يحسب عليها الأيام التي غاب بها (قال الشافعي) رحمه الله وقد ذكر الله عز وجل القرعة في كتابه في موضعين فكان ذكرها موافقا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى (وإن يونس لمن المرسلين) إلى (المدحضين) وقال (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) الآية (قال الشافعي) رحمه الله وقف الفلك بالذين ركب معهم يونس فقالوا إنما وقف لراكب فيه لا نعرفه فيقرع فأيكم خرج سهمه ألقى فخرج سهم يونس فألقى فالتقمه الحوت كما قال الله تبارك وتعالى ثم تداركه بعفوه عز وجل فأما مريم فلا يعدو الملقون لأقلامهم يقترعون عليها أن يكونوا سواء في كفالتها لأنه إنما يقارع من يدلى بحق فيما يقارع ولا يعدون إذا كان أرفق بها وأجمل في أمرها أن تكون عند واحد لا يتداولها كلهم مدة مدة ويكونوا يقسموا كفالتها فهذا أشبه معناها عندنا والله أعلم فاقترعوا أيهم يتولى كفالتها دون صاحبه أو تكون يدافعوها لئلا يلزم كفالتها واحدا دون أصحابه وأيهما كان فقد اقترعوا لينفرد بكفالتها ويخلوا منها من بقي (قال الشافعي) رحمه الله فلما كان المعروف لنساء الرافق بالنساء أن يخرج بواحدة منهن فهن في مثل هذا المعنى ذوات الحق كلهن فإذا خرج سهم واحدة كان السفر لها دونهن وكان هذا في معنى القرعة في مريم وقرعة يونس حين استوت الحقوق أقرع لتنفرد واحدة دون الجميع