أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) إلى قوله (أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين) (قال الشافعي) فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن الله أخرج الزوج من قذف المرأة بشهادته (أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله إن كان من الكاذبين) كما أخرج قاذف المحصنة غير الزوجة بأربعة شهود يشهدون عليها بما قذفها به من الزنا، وكانت في ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلعن حتى تطلب المرأة المقذوفة حدها وكما ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها (قال) وكانت في اللعان أحكام بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مهنا الفرقة بين الزوجين ونفى الولد قد ذكرناها في مواضعها.
من يلاعن من الأزواج ومن لا يلاعن (قال الشافعي) رحمه الله: ولما ذكر الله عز وجل اللعان على الأزواج مطلقا كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض، وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض وسواء كان الزوجان حرين مسلمين أو كان أحدهما حرا والآخر مملوكا أو كانا مملوكين معا أو كان الزوج مسلما والزوجة ذمية أو كانا ذميين تحاكما إلينا لأن كلا زوج وزوجه يجب عليه الفرض في نفسه دون صاحبه وفي نفسه لصاحبه ولعانهم كلهم سواء لا يختلف القول فيه والقول في نفى الولد وتختلف الحدود لمن وقعت له وعليه وسواء في ذلك الزوجان المحدودان في قذف والأعميان وكل زوج يجب عليه فرض وسواء قال الزوج رأيتها تزني أو قال زنت أو قال يا زانية كما يكون ذلك سواء إذا قذف أجنبية، وإذا قذف الزوج الذي لاحد عليه امرأته وهي ممن عليه الحد أو ممن لاحد عليه فسواء ولا حد عليه ولا لعان ولا فرقة بينه وبينها ولا ينفى الولد إن نفاه عنه ولا طلاق له لو طلقها، وكذلك المعتوه وكل مغلوب على عقله بأي وجه كانت الغلبة على العقل غير السكر لأن القول والفعل يلزم السكران ولا يلزم الفعل ولا القول من غلب على عقله بغير سكر، وكذلك الصبي لم يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها وإن كان عاقلا فلا يلزمه حد ولا لعان (قال) ومن عزب عقله من مرض في حال فأفاق في أخرى فما صنع في حال عزوب عقله سقط عنه وما صنع في الحال التي يثوب فيها عقله لزمه طلاق ولعان وقذف وغيره. وإن اختلف الزوجان فقالت المرأة قذفتني في حال إفاقتك وقال ما قذفتك في حال إفاقتي ولئن كنت قذفتك ما قذفتك إلا وأنا مغلوب على عقلي فالقول فالقول قوله وعليها البينة إذا كانت المرأة تقر، أو كان يعلم أنه يذهب عقله، ولو قذفها فقال قذفتك وعقلي ذاهب من مرض وقالت ما كنت ذاهب العقل فإن لم تعلم أنه كان في الوقت الذي قذفها فيه وقبله ومعه في مرض قد يذهب عقله فيه فلا يصدق وهو قاذف يلتعن أو يحد وإن علم ذلك صدق وحلف (قال) وإذا كان الزوج أخرس يعقل الإشارة والجواب أو يكتب فيعقل فقذف لاعن بالإشارة أو حد فإن لم يعقل فلا حد ولا لعان وإن استطلق لسانه فقال قد قذفت ولم يلتعن حد إلا أن يلتعن، وإن قال لم أقذف ولم ألتعن لم يحد ولا ترد إليه امرأته بقوله لم التعن وقد ألزمناه الفرقة بحال ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يمسكها، وكذلك لو طلق فألزمناه الطلاق ثم أفاق فقال ما طلقت لم نردها إليه ووسعه فيما بينه وبين الله تعالى المقام عليها، ولو أصابه هذا من مرض تربصوا به حتى يفيق أو يطول ذلك به ويشير إشارة تعقل أو يكتب كتابا يعقل فيصير كالأخرس الذي ولد أخرس (قال) وإذا كانت هي الخرساء لم نكلفها لعانه إلا أن تكون تعقل لأنه لا معنى لها في