الآية (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أن ابن عمر أراد أن لا ينكح فقالت له حفصة تزوج فإن ولد لك ولد فعاش من بعدك دعوا لك (قال الشافعي) رحمه الله ومن لم تتق نفسه ولم يحتج إلى النكاح من الرجال والنساء بأن لم تخلق فيه الشهوة التي جعلت في أكثر الخلق فإن الله عز وجل يقول (زين للناس حب الشهوات من النساء) أو بعارض أذهب الشهوة من كبر أو غيره فلا أرى بأسا أن يدع النكاح بل أحب ذلك وأن يتخلى لعبادة الله وقد ذكر الله عز وجل القواعد من النساء فلم ينههن عن القعود ولم يندبهن إلى نكاح فقال (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) الآية وذكر عبدا أكرمه قال (وسيدا وحصورا) والحصور الذي لا يأتي النساء ولم يندبه إلى نكاح فدل ذلك والله أعلم على أن المندوب إليه من يحتاج إليه ممن يكون محصنا له عن المحارم والمعاني التي في النكاح فإن الله عز وجل يقول: (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين) (قال الشافعي) رحمه الله والرجل لا يأتي النساء إذا نكح فقد غر المرأة ولها الخيار في المقام أو فراقه إذا جاءت سنة أجلها من يوم يضرب له السلطان (قال الشافعي) أحب النكاح للعبيد والإماء اللاتي لا يطؤهن ساداتهن احتياطا للعفاف وطلب فضل وغنى فإن كان إنكاحهن واجبا كان قد أدى فرضا وإن لم يكن واجبا كان مأجورا إذا احتسب نيته على التماس الفضل بالاحتياط والتطوع (قال الشافعي) ولا أوجبه إيجاب نكاح الأحرار لأني وجدت الدلالة في نكاح الأحرار ولا أجدها في نكاح المماليك.
ما جاء في عدد ما يحل من الحرائر والإماء وما تحل به الفروج أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) وقال (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) وقال عز وجل (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) فأطلق الله عز وجل ما ملكت الايمان فلم يحد فيهن حد ينتهى إليه فللرجل أن يتسرى كم شاء ولا اختلاف علمته بين أحد في هذا وانتهى ما أحل الله بالنكاح إلى أربع ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله عز وجل على أن انتهاءه إلى أربع تحريما منه لأن يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع لا أنه يحرم ان ينكح في عمره أكثر من أربع إذا كن متفرقات ما لم يجمع بين أكثر منهن ولأنه أباح الأربع وحرم الجميع بين أكثر منهن فقال لغيلان بن سلمة ونوفل بن معاوية وغيرهما وأسلموا وعندهم أكثر من أربع (أمسك أربع وفارق سائرهن) وقال عز وجل (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) وذلك مفرق في مواضعه في القسم بينهن والنفقة والمواريث وغير ذلك. وقوله (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) دليل على أمرين: أحدها أنه أحدهما أنه أحل النكاح وما ملكت اليمين. والثاني يشبه أن يكون إنما أباح الفعل للتلذذ وغيره بالفرج في زوجة أو ما ملكت يمين من الآدميين ومن الدلالة على ذلك قول الله تبارك وتعالى (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) وإن لم تختلف الناس في تحريم ما ملكت اليمين من البهائم فلذلك خفت أن يكون الاستمناء حراما من قبل أن ليس من