أورق؟) قال نعم: قال (أنى ترى ذلك؟) قال عرقا نزعه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (ولعل هذا عرق نزعه) أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا من بنى فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (هل لك من إبل؟) قال نعم: قال (فما ألوانها؟) قال حمر: قال (هل فيها أورق؟) قال إن فيها لورقا قال (فأنى أتاها ذلك؟) قال لعله نزعه عرق قال النبي صلى الله عليه وسلم (وهذا لعله نزعه عرق) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وبهذا نأخذ وفي الحديث دلالة ظاهرة على أنه ذكر ان امرأته ولدت غلاما أسود وهو لا يذكره إلا منكرا له وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له وضربه له المثل بالإبل بدل على ما وصفت من إنكاره وتهمته المرأة فلما كان قول الفزاري تهمة الأغلب منها عند من سمعها أنه أراد قذفها أن جاءت بولد أسود فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يره قذفا يحكم عليه فيه باللعان أو الحد إذا كان لقوله وجه يحتمل أن لا يكون أراد به القذف من التعجب والمسألة عن ذلك لا قذف امرأته استدللنا على أنه لا حد في التعريض وإن غلب على السامع ان المعرض أراد القذف إن كان له وجه يحتمله ولا حد إلا في القذف الصريح وقد قال الله تبارك وتعالى في الممتدة (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) إلى (ولكن لا تواعدوهن سرا) فأحل التعريض بالخطبة وفى إحلاله إياها تحريم وقد قال الله تبارك وتعالى في الآية (لا تواعدوهن سرا) والسر الجماع واجتماعهما على العدة بتصريح العقدة بعد انقضاء العدة وهو تصريح باسم نهى عنه وهذا قول الأكثر من أهل مكة وغيرهم من أهل البلدان في التعريض وأهل المدينة فيه مختلفون فمنهم من قال بقولنا ومنهم من حد في التعريض، وهذه الدلالة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفزاري موضوعة بالآثار فيها والحجج في كتاب الحدود وهو أملك بها من هذا الموضع وإن كان الفزاري أقر بحلم امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو الدليل على ما قلنا بأنه ليس له أن ينفيه بعد إقراره (وقال) السر الجماع قال امرؤ القيس:
ألا زعمت بسباسة القوم انني * كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي كذبت لقد أصبى على المرء عرسه * وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي وقال جرير يرثى امرأته:
كانت إذا هجر الخليل فراشها * خزن الحديث وعفت الاسرار الخلاف في اللعان (قال الشافعي) رحمه الله: خالفنا بعض الناس في جملة اللعان وفي بعض فروعه فحكيت ما في جملته لأنه موجود في الكتاب والسنة وتركت ما في فروعه لأن فروعه في كتاب اللعان وهو موضوع فيه وإنما كتبنا في كتابنا (إذا نكحتم المؤمنان ثم طلقتموهن) كما قلنا في قول الله عز وجل وأن حكم الكتاب والسنة فيه فقال بعض من خالفنا لا يلاعن بين الزوجين أبدا حتى يكونا حرين مسلمين ليسا بمحدودين في قذف ولا واحد منهما فقلت له ذكر الله عز وجل اللعان بين الأزواج لم يخص واحدا منهم دون غيره، وما كان عاما في كتاب الله تبارك وتعالى فلا نختلف نحن ولا أنت أنه على العموم كما قلنا في قول الله عز وجل (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم)