يملك فيها الرجعة أو تطليقتين ثم يرتجعها. ثم يطلقها أو يطلقها ولم يرتجعها العدة من الطلاق الأول ولا تعتد من الطلاق الآخر لأن وإن ارتجعها فقد كانت حرمت عليه إلا بأن يرتجعها كما حرمت عليه في الطلاق الذي لا يملك فيه الرجعة إلا بنكاح ولو نكحها ثم طلقها قبل أن يصيبها لم تعتد فكذلك لا تعتد من طلاق أحدثه لها. وإن لزمها في العدة لم يحدث رجعة. ومن قال هذا ذهب إلى أن المطلق كان إذا ارتجع في العدة ثبتت الرجعة لما جعل الله عز وجل في العدة له من الرجعة وإلى أن قول الله عز وجل (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) لمن راجع ضرارا في العدة لا يريد حبس المرأة رغبة ولكن عضلا عن أن تحل لغيره. وقد قال الله تعالى (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) فنهى عن إمساكهن للعضل ثم يطلقهن فذهب إلى أن الآية قبل هذا يحتمل أن يكون نهى عن رجعتهن للعضل لا للرغبة وهذا معنى يحتمل الآية ولا يجوز إلا واحد من القولين والله تعالى أعلم بالصواب.
عدة المشركات (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا كانت اليهودية أو النصرانية تحت المسلم فطلقها أو مات عنها فهي في العدة والسكنى والنفقة والاحداد مثل المسلمة لا خلاف بينهما وله عليها الرجعة في العدة كما يكون له على المسلمة (قال) وهكذا المجوسية تحت المجوسي والوثنية تحت الوثني لأزواجهن عليهن من الرجعة ما لزوج المسلمة وعليهن من العدد والاحداد ما على المسلمة لأن حكم الله تعالى على العباد واحد فلا يحل لمسلم إذا تحاكم إليه مشرك أن يحكم له ولا عليه إلا يحكم الاسلام لقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في المشركين (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) الآية (قال) والقسط حكم الله تعالى الذي أنزل على نبيه. وقول الله تبارك وتعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) قال وأهواءهم يحتمل سبيلهم فأمره صلى الله عليه وسلم أن لا يحكم الا بما أنزل الله إليه ولا يحل لمسلم أن يحكم إلا بحكم الله المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم (قال) وإذا طلق المسلم النصرانية ثلاثا فانقضت عدتها فنكحت نصرانيا فأصابها أحلها ذلك لزوجها المسلم ويحصنها لأنه زوج يحل له نكاحة ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين ومن سنته أن لا يرجم إلا محصنا فلو كانت إصابة الذمي لا تحصن المرأة لم يرجمها النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أحصنها أحلها مع إحلالها لأن الله عز وجل قال (حتى تنكح زوجا غيره) وأنه زوج نكحها.
أحكام الرجعة أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال قال قال الله عز وجل (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقال (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا) (قال الشافعي) رحمه الله في قول الله عز وجل (إن أرادوا إصلاحا) فقال إصلاح