مكاتبا لام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم طلق امرأته حرة تطليقتين فاستفتى عثمان بن عفان فقال له عثمان بن عفان حرمت عليك، فإن قال قائل فهل لكم حجة على من قال لا يجوز طلاق السكران؟ قيل نعم ما وصفنا من أن عليه الفرائض وعليه حرام، فإن قال ليس عليه حرام في حاله تلك لزمه أن يقول ولا صلاة ولا قود في قتل ولا جراح ولا غيره كما يكون المغلوب على عقله بغير السكر ولا يجوز إذا حرم الله تعالى بالكلام أن لا يكون داخلا في حكم الله تعالى أن الطلاق يحرم عليه ولا يخرج من حكم الله تعالى إلا بدلالة كتاب أو سنة أو إجماع وليس فيه واحد من هذا، وأكثر من لقيت من المفتين على أن طلاقه يجوز، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) والسكران ليس واحدا من هؤلاء ولا في معناه والمرضى الذاهبو العقول في معنى المجنون لأنهم غير آثمين بالمرض والسكران آثم بالسكر.
من يلزمه الطلاق من الأزواج (قال الشافعي) رحمه الله: وكل امرأة طلقها زوج بالغ صبية أو معتوهة أو حرة بالغ أو أمة أو مشركة لزمهن الطلاق لأن الطلاق تحريم من الأزواج على أنفسهن، فإذا عتقت الأمة وقد زوجت عبدا وهي صبية فاختارت وهي صبية الفراق. أو ملك الرجل امرأته وهي صبية نفسها أو خيرها فاختارت الفراق فليس ذلك لها لأنه لا أمر لها في نفسها وكذلك المعتوهة فإذا أفاقت المعتوهة أو بلغت الصبية فلها الخيار في المقام معه أو فراقه (قال) وإن عتقت قبل ان تبلغ أو بعدما بلغت فلم تختر فلا خيار لها. وإذا اختارت المرأة فراق زوجها فهو فسخ بلا طلاق وكذلك امرأة العنين وامرأة الأجذم والأبرص تختار فراقه فذلك كله فسخ بلا طلاق لأن الطلاق يملك فيه الرجعة.
الطلاق الذي تملك فيه الرجعة (قال الشافعي) رحمه الله: قال الله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقال (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أو يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) الآية كلها. (قال الشافعي) فكان بينا في كتاب الله تعالى أن كل طلاق حسب على مطلقة فيه عدد طلاق إلا الثلاث فصاحبه يملك فيه الرجعة. وكان ذلك بينا في حديث ركانة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإلا الطلاق الذي يؤخذ عليه المال، لأن الله تعالى أذن به وسماه فدية فقال (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) فكان بينا في كتاب الله تعالى إذ أحل له أخذ المال أنه إذا ملك مالا عوضا من شئ لم يجز أن يكون له على ما ملك به المال سبيل والمال هو عوض من بضع المرأة فلو كان له عليها فيه رجعة كان ملك مالها ولم تملك نفسها دونه (قال) وسام الفدية أن تفدى نفسها بأن تقطع ملكه الذي له به الرجعة عليها ولو ملك الرجعة لم تكن مالكة لنفسها ولا واقعا عليها اسم فدية بل كان مالها مأخوذا وهي بحالها قبل أخذه والأحكام فيما أخذ عليه المال بأن يملكه من أعطى المال (قال) وبهذا قلنا طلاق الايلاء وطلاق الخيار والتمليك كلها إلى الزوج فيه الرجعة ما لم يأت على جميع الطلاق (قال الشافعي) رحمه الله: وبهذا قلنا إن كل عقد فسخناه شاء الزوج فسخه أو أبى لم يكن طلاقا وكان