أيتهما شاء لأن محرما بكل وجه أن يجمع بينهما في الاسلام ومثله أن يكون نكح امرأة وابنتها فأصابهما فيحرم أن يبتدئ نكاح واحدة منهما في الاسلام وقد أصابهما بالنكاح الذي قد يجوز مثله. ولو نكح أختين معا ولم يدخل بواحدة منهما قلت له فارق أيتهما شئت وأمسك الأخرى ولا أنظر في ذلك إلى أيتهما نكح أولا وهذا القول كله موافق لمعنى السنة والله أعلم ولو أسلم رجل وعنده يهودية أو نصرانية كانا على النكاح لأنه يحل له نكاح واحدة منهما وهو مسلم ولو أسلم وعنده وثنية أو مجوسية لم يكن له إصابتها إلا أن تسلم قبل أن تنقضي العدة وله وطئ اليهودية والنصرانية بالملك، وليس له وطئ وثنية ولا مجوسية بملك إذا لم يحل له نكاحها لم يحل له وطؤها وذلك للدين فيهما ولا أعلم أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وطئ سبية عربية حتى أسلمت وإذ حرم النبي صلى الله عليه وسلم على من أسلم أن يطأ امرأة وثنية حتى تسلم في العدة دل ذلك على أن لا توطأ من كانت على دينها حتى تسلم من حرة أو أمة.
باب الخلاف في الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي) قال لي بعض الناس ما حجتك أن يفارق ما زاد على أربع وإن فارق اللاتي نكح أولا ولم تقل يمسك الأربع الأوائل ويفارق سائرهن؟ فقلت له بحديث الديلمي وحديث نوفل بن معاوية قال أفرأيت لو لم يكن ثابتا أو كانا غير ثابتين أيكون لك في حديث ابن عمر حجة؟ قلت نعم وما على فيما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال هل فيه حجة غيره بل على وعليك التسليم وذلك طاعة الله عز وجل قال هذا كله كما قلت وعلينا أن نقول به إن كان ثابتا قلت إن كنت لا تثبت مثله وأضعف منه فليس عليك حجة فيه فأردد ما كان مثله قال فأحب أن تعلمني هل في حديث ابن عمر حجة لو لم يأت غيره؟ قلت: نعم قال وأين هي؟ قلت: لما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم غيلان أنه لا يحل له أن يمسك أكثر من أربع ولم يقل له الأربع الأوائل استدللنا على أنه لو بقي فيما يحل له ويحرم عليه معنى غيره علمه إياه لأنه مبتدئ للاسلام لا علم له قبل إسلامه فيعلم بعضا ويسكت له عما يعلم في غيره قال أو ليس قد يعلمه الشيئين فيؤدي أحدهما دون الآخر؟ قلت: بلى قال فلم جعلت هذا حجة وقد يمكن فيه ما قلت؟ قلت له في حديث النبي صلى الله عليه وسلم شيئان أحدهما العفو عما فات من ابتداء عقدة النكاح ومن يقع عليه النكاح من العدد فلما لم يسأل عما وقع عليه العقد أولا ولم يسأل عن أصل عقدة نكاحهن. وكان أهل الأوثان لا يعقدون نكاحا إلا نكاحا لا يصلح أن يبتدأ في الاسلام فعفاه وإذا عفا عقدا واحدا فاسدا لأنه فائت في الشرك فسواء كل عقد فاسد فيه بأن ينكح بغير ولى وبغير شهود وما أشبه ذلك مما لا يجوز ابتداؤه في الاسلام فأكثر ما في النكاح الزوائد على الأربع في الشرك بأن يكون نكاحهن فاسدا كفساد ما وصفنا فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعفو عن ذلك لكل من أسلم من أهل الشرك ويقرهم على نكاحهم وإن كان فاسدا عندنا فكذلك إن أراد أن يحبس ما عقد بعد الأربع في الشرك يجوز ذلك له لأن أكثر حالاتهن أن يكون نكاحهن فاسدا ولا شئ أولى أن يشبه بشئ من عقد فاسد يعفى عنه بعقد يعفى عنه. ولو لم