وقد يذكر الله عز وجل الشئ في كتابه فيحرمه ويحرم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم غيره مثل قوله (وأحل لكم ما وراء ذلكم) ليس فيه إباحة أكثر من أربع لأنه انتهى بتحليل النكاح إلى أربع وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة وأسلم وعنده عشر نسوة (أمسك أربعا وفارق سائرهن) فأبان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن انتهاء الله بتحليله إلى أربع حظر لما وراء أربع وإن لم يكن ذلك نصا في القرآن، وحرم من غير جهة الجمع والنسب النساء المطلقات ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره بالقرآن وامرأة الملاعن بالسنة وما سواهن مما سميت كفاية لما استثنى منه. قال: والقول في الجمع بين المرأة وعمتها وعماتها من قبل آبائها وخالتها وخالاتها من قبل أمهاتها وإن بعدن كالقول في الأخوات سواء أن نكح واحدة ثم نكح أخرى بعدها ثبت نكاح الأولى وسقط نكاح الآخرة وإن نكحهما في عقدة معا انفسخ نكاحهما وإن نكح العمة قبل بنت الأخ أو ابنة الأخ قبل العمة فسواء هو جامع بينهما فيسقط نكاح الآخرة ويثبت نكاح الأولى وكذلك الخالة وسواء دخل بالأولى منهما دون الآخرة أو بالآخرة دون الأولى أو لم يدخل وهكذا يحرم الجمع بينهما بالوطئ بملك اليمين والرضاع وملك اليمين في الوطئ والنكاح سواء وما لم يكن للرجل أن يجمع بينه وبين الأختين أو المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها فنكح اثنتين منهن في عقدة فالعقدة منفسخة كلها، وإذا نكح إحداهما قبل الأخرى فنكاح الأولى ثابت ونكاح الآخرة مفسوخ ولا يصنع الدخول شيئا إنما يصنعه العقدة، وما نهى الله عن الجمع بينه من الأخوات وما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجمع بين العمة والخالة ففيه دلالة على أن كل واحدة منهما تحل بعد الأخرى فلا بأس أن ينكح الأخت فإذا ماتت أو طلقها طلاقا يملك فيه الرجعة وانقضت عدتها أو طلاقا لا يملك فيه الرجعة وهي في عدتها أن ينكح الأخرى وهكذا العمة والخالة و كل من نهى عن الجمع بينه.
نكاح نساء أهل الكتاب وتحريم إمائهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) إلى (ولا هم يحلون لهن) (قال الشافعي) فزعم بعض أهل العلم بالقرآن أنها نزلت في مهاجرة من أهل مكة فسماها بعضهم ابنة عقبة بن أبي معيط وأهل مكة أهل أوثان وأن قول الله عز وجل (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) نزلت فيمن هاجر من أهل مكة مؤمنا وإنما نزلت في الهدنة وقال:
قال الله عز وجل (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) إلى قوله (ولو أعجبتكم) وقد قيل في هذه الآية إنها نزلت في جماعة مشركي العرب الذين هم أهل الأوثان فحرم نكاح نسائهم كما حرم أن ننكح رجالهم المؤمنات قال فإن كان هذا هكذا فهذه الآيات ثابتة ليس فيها منسوخ قال وقد قيل هذه الآية في جميع المشركين ثم نزلت الرخصة بعدها في إحلال نكاح حرائر أهل الكتاب خاصة كما جاءت في إحلال ذبائح أهل الكتاب قال الله تبارك وتعالى (أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات) إلى قوله (أجورهن) وقال فأيهما كان فقد أبيح فيه نكاح حرائر أهل الكتاب وفي إباحة الله تعالى نكاح حرائرهم دلالة عندي والله تعالى أعلم على تحريم إمائهم لأن معلوما في اللسان إذا قصد قصد صفة من شئ بإباحة أو تحريم كان ذلك دليلا على أن ما