أن النبي صلى الله عليه وسلم توفى عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان (قال الشافعي) وبهذا كله نأخذ والقرآن يدل على مثل معاني الأحاديث بأن بينا فيه إذا خافت المرأة نشوز بعلها أن لا بأس عليهما أن يصالحا ونشوز البعل عنها بكراهيته لها فأباح الله تعالى له حبسها على الكره لها فلها وله أن يصالحا وفي ذلك دليل على أن صلحها إياه بترك بعض حقها له. وقد قال الله عز وجل (وعاشروهن بالمعروف) إلى (خيرا كثيرا) (قال الشافعي) فيحل للرجل حبس المرأة على ترك بعض القسم لها أو كله ما طابت به نفسا فإذا رجعت فيه لم يحل له إلا العدل لها أو فراقها لأنها إنما تهب في المستأنف ما لم يجب لها فما أقامت على هبته حل وإذا رجعت في هبته حل ما مضى بالهبة ولم يحل ما يستقبل إلا بتحديد الهبة له (قال) وإذا وهبت له ذلك فأقام عند امرأة له أياما ثم رجعت استأنف العدل عليها وحل له ما مضى قبل رجوعها (قال) فإن رجعت ولا يعلم بالرجوع فأقام على ما حللته منه ثم علم أن قد رجعت استأنف العدل من يوم علم ولا بأس عليه فيما مضى وإن قال لا أفارقها ولا أعدل لها أجبر على القسم لها ولا يجبر على فراقها (قال) ولا يجبر على أن يقسم لها الإصابة وينبغي له أن يتحرى لها العدل فيها (قال) وهكذا لو كانت منفردة به أو مع أمة له يطؤها أمر بتقوى الله تعالى وأن لا يضربها في الجماع ولم يفرض عليه منه شئ بعينه إنما يفرض عليه ما لا صلاح لها إلا به من نفقة وسكنى وكسوة وأن يأوى إليها فأما الجماع فموضع تلذذ ولا يجبر أحد عليه (قال) ولو أعطاها ما لا على أن تحلله من يومها وليلتها فقبلته فالعطية مردودة عليه غير جائزة لها وكان عليه أن يعدل لها فيوفيها ما ترك من القسم لها لأن ما أعطاها عليه لا عين مملوكة ولا منفعة (قال) ولا حللته فوهب لها شيئا على غير شرط كانت الهبة لها جائزة ولم يكن له الرجوع فيها إذا قبضتها وإن رجعت هي في تحليله فيما مضى لم يكن لها وإن رجعت في تحليله فيما لم يمض كان لها وعليه أن يعدل لأنها لم تملك ما لم يمض فيجوز تحليلها له فيما ملكت.
جماع القسم للنساء (قال الشافعي) قال الله تبارك وتعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) (قال الشافعي) سمعت بعض أهل العلم يقول قولا معناه ما أصف (لن تستطيعوا أن تعدلوا) إنما ذلك في القلوب (فلا تميلوا كل الميل) لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم فيصير الميل الذي ليس لكم فتذروها وما أشبه ما قالوا عندي بما قالوا لأن الله عز وجل تجاوز عما في القلوب وكتب على الناس الافعال والأقاويل فإذا مال بالقول والفعل فذلك كل الميل قال الله عز وجل (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم) وقال في النساء (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقال وعاشروهن بالمعروف) (قال الشافعي) وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم القسم بين النساء فيما وصفت من قسمه لأزواجه في الحضر وإحلال سودة له يومها وليلتها (قال الشافعي) ولم أعلم مخالفا في أن على المرء أن يقسم لنسائه فيعدل بينهن وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم فيعدل ثم يقول (اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك) يعني والله أعلم قلبه وقد بلغنا أنه كان يطاف به محمولا في مرضه على نسائه حتى مللنه.