شرط عليها أن له أن يعاشرها كيف شاء وأن لا شئ عليه فيما نال منها فقد شرط أن له أن يأتي منها ما ليس له فبهذا أبطلنا هذه الشروط وما في معناها وجعلنا لها مهر مثلها فإن قال قائل فقد يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) فهكذا نقول في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه إنما يوفى من الشروط ما يبين أنه جائز ولم تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه غير جائز وقد يروى عنه عليه الصلاة والسلام (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا) ومفسر حديثه يدل على جملته.
ما جاء في عفو المهر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة) الآية (قال الشافعي) فجعل الله تعالى للمرأة فيما أوجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل للذي يلي عقدة النكاح أن يعفو وذلك أن يتم لها الصداق فيدفعه إن لم يكن دفعه كاملا ولا يرجع بنصفه إن كان دفعه وبين عندي في الآية أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج وذلك إنه إنما يعفوه من له ما يعفوه فلما ذكر الله عز وجل عفوها مما ملكت من نصف المر أشبه أن يكون ذكر عفوه لما له من جنس نصف المهر والله تعالى أعلم وحض الله تعالى على العفو والفضل فقال عز وجل (وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم) وبلغنا عن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه أنه قال (الذي بيده عقدة النكاح الزوج) (قال الشافعي) وأخبرنا ابن أبي فديك أخبرنا سعيد بن سالم عن عبد الله بن جعفر بن المسور عن واصل بن أبي سعيد عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها بالصداق تاما فقيل له في ذلك فقال أنا أولى بالعفو أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن سعيد ابن جبير أنه قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن ابن المسيب أنه قال (هو الزوج) (قال الشافعي) والمخاطبون بأن يعفون فيجوز عفوهم والله تعالى أعلم الأحرار وذلك أن العبيد لا يملكون شيئا فلو كانت أمة عند حرف عفت له عن بعض المهر أو المهر لم يجز عفوها وذلك أنها لا تملك شيئا إنما يملك مولاها ما ملك بسببها ولو عفاه المولى جاز وكذلك العبد إن عفا المهر كله وله أن يرجع بنصفه لم يجز عفوه وإذا عفاه مولاه جاز عفوه لأن مولاه المالك للمال (قال الشافعي) فأما أبو البكر يعفو عن نصف المهر فلا يجوز ذلك له من قبل أنه عفا عما لا يملك وما يملكه تملكه ابنته ألا ترى أنه لو وهب ما لا لبنته غير الصداق لم تجز هبته فكذلك إذا وهب الصداق لم تجز هبته لأنه مال من مالها وكذلك أبو الزوج لو كان الزوج محجورا عليه فعفا عن نصف المهر الذي له أن يرجع به لم يجز عفو أبيه لأنه مال من ماله يهبه وليس له هبة ماله قال ولا يجوز العفو إلا لبالغ حر رشيد يلي مال نفسه فإن كان الزوج بالغا حرا محجورا عليه فدفع الصداق ثم طلقها قبل المسيس فعفا نصف المهر الذي له أن يرجع كان عفوه باطلا كما تكون هبة ما له سوى الصداق وكذلك لو كانت المرأة بكرا لا يجوز لها هبة مالها ولا لأوليائها هبة أموالها ولو كانت بكرا بالغة رشيدة غير محجور عليها فعفت جاز عفوها إنما ينظر في هذا إلى من يجوز أمره في ماله وأجيز عفوه وأرد عفو من لا يجوز أمره في ماله والعفو هبة كما وصفت وهو إبراء فإذا لم تقبض المرأة شيئا من صداقها فعفته جاز