المطلق غيره ولم يسم له طلاقا يطلقها إياه ورأي رضاه بالأخذ منها فرقة، والخلع اسم مفارق للطلاق وليس المختلع بمبتدئ طلاقا إلا يجعل والمطلقون غيره لم يستجعلوا، وقلت له الذي ذهب إليه من قول الله تبارك وتعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف) الآية إنما هو على من عليه العدة لقول الله عز وجل (طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) إلى قوله (جميلا) أفرأيت إن عارضك معارض في المطلقة واحدة قبل أن يدخل بها؟ فقال إن الله قال (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وهذه مطلقة واحدة فيمسكها ما الحجة عليه؟ قال قول الله تعالى (فبلغن أجلهن فأمسكوهن) وقوله في العدة (أحق بردهن في ذلك) فلما لم تكن هذه معتدة بحكم الله علمت أن الله تبارك وتعالى إنما قصد بالرجعة في العدة قصد المعتدات وكان المفسر من القرآن يدل على معنى المجمل ويفترق بافتراق حال المطلقات (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فقلت له فما منعك من هذه الحجة في المختلعة وقد فرق الله تبارك وتعالى بينهما بأن جعلها مفتدية وبأن هذا طلاق بمال يؤخذ وبأن المسلمين لم يختلفوا في أن الرجل إذا قال لامرأته أنت طالق واحدة ملك الرجعة وإن قال لها أنت طالق واحدة على شئ يأخذه لم يملك الرجعة؟ قال هذا هكذا لأنه إذا تكلم بكلمة واحدة فلا يجوز أن أجعل ما أخذ عليه مالا كمن لم يأخذ المال. والحجة فيه ما ذكرت من أن من ملك شيئا بشئ يخرج منه لم يكن له على ما خرج منه سبيل كما لا يكون على ما في يديه مما أخرجه إليه مالكه لمالكه الذي أخرجه إليه سبيل (قال الشافعي) رحمه الله: قال فأوجدني اللفظ الذي يكون فراقا في الحكم لا تدينه فيه! قلت له: هو قول الرجل أنت طالق أو قد طلقتك أو أنت سراح أو قد سرحتك أو قد فارقتك، قال فمن أين قد فرقت بين هؤلاء الكلمات في الحكم وبين ما سواهن وأنت تدينه فيما بينه وبين الله فيهن كما تدينه في غيرهن؟ قلت:
هؤلاء الكلمات التي سمى الله تبارك وتعالى بهن الطلاق فقال (إذا طلقتم النساء) وقال (فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وقال عز وجل (فمتعوهن وسرحوهن) الآية فهؤلاء الأصول وما أشبهن مما لم يسم طلاقا في كتاب ولا سنة ولا أثر إلا بنيته فإن نوى صاحبه طلاقا مع قول يشبه الطلاق كان طلاقا وإن لم ينوه لم يكن طلاقا.
الخلاف في الطلاق (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فقال: إنا نوافقك في معنى ونخالفك في معنى، فقلت فاذكر المواضع التي تخالفنا فيها، قال تزعم أن من قال لامرأته أنت طالق فهو يملك الرجعة إلا أن يأخذ جعلا على قوله أنت طالق، قلت هذا قولنا وقول العامة، قال وتقول إن قال لامرأته أنت خلية أو برية أو بائنة أو كلمة غير تصريح الطلاق فلم يرد بها طلاقا فليس بطلاق قلت وهذا قولي، قال وتزعم أنه إن أراد بهذا الذي ليس بصريح الطلاق الطلاق وأراد واحدة كانت واحدة بائنة وكذلك إن قال واحدة شديدة أو غليظة إذا شدد الطلاق بشئ فقلت له: أفقلت هذا خيرا أو قياسا؟ فقال قلت بعضه خبرا وقست ما بقي منه على الخبر بها (قال الشافعي) رحمه الله قلت ما الذي قلته خبرا وقست