يشككوا الناس في المنقول عن المتعبدين، ثم تصحيح ما ذهب إليه عمر بن الخطاب، وهذه حقيقة لا تخفى على البصير بملابسات التشريع الإسلامي، وجذور الاختلاف بين المسلمين.
ولو تدبرت في موقف آخر من هذه المواقف، وهو نسبة المسح على الخفين إلى أئمة الطالبين كمحمد الباقر وزيد بن علي بن الحسين و.... لعرفت صحة مدعانا، لأن الثابت عن فقه هؤلاء هو عكس المطروح عنهم في مرويات اتباع الاجتهاد.
فقد جاء في مسند الإمام زيد بن علي عن أبيه، عن جده الحسين بن علي رضي الله عنهما قوله: إنا ولد فاطمة (رضي الله عنها) لا نمسح على الخفين ولا العمامة ولا كمة ولا خمار ولا جهاز (1).
وقد مر عليك ما جاء في تفسير العياشي اعتراض الإمام علي على الخليفة عمر بن الخطاب لتجويزه المسح على الخفين وقوله له: لم تفتي وأنت لا تدري؟! سبق الكتاب الخفين (2).
مر مثله ما جاء في قول ابن عباس لعمر: لا يخبرك أحد أن النبي صلى الله عليه وآله مسح عليهما بعد ما أنزلت المائدة، فسكت عمر.
وقد أخرج أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين أخبار بعض المندسين في صفوف يحيى بن عبد الله بن الحسن، فقال:
... صحبه جماعة من أهل الكوفة، فيهم ابن الحسن بن صالح بين حي... كان يذهب مذهب الزيدية البترية في تفضيل أبي بكر وعمر وعثمان في ست سنين من إمارته، وإلى القول بكفره في باقي عمره، يشرب النبيذ، ويمسح على الخفين، وكان يخالف يحيى في أمره، ويفسد أصحابه.
قال يحيى بن عبد الله: فأذن المؤذن يوما، وتشاغلت بطهوري وأقيمت الصلاة، فلم ينتظرني وصلى بأصحابي، فخرجت، فلما رأيته يصلي، قمت أصلي ناحية، ولم أصل معه، لعلمي أنه يمسح على