فهذه النصوص قد وضحت لنا بأن الخليفة عمر بن الخطاب هو الذي جمع الناس على الأربع، رغم إرشاد الصحابة له بأن النبي صلى الله عليه وآله كبر سبعا وخمسا وأربعا، فلا غرابة بعد هذا أن تنسب الأربع إلى أعيان الصحابة كابن عباس وزيد بن أرقم دعما لموقفه!!
فقد نقل عن زيد بن أرقم وابن عباس وغيرهم قولان (الأربع والخمس،)، وبما أن النقل الأول (أي الأربع) يخاف ما جاء عنهم بطرق صحيحة أخرى، وكان مما يفيد رأي الحليفة، فنحن نرجح صحة الثاني عنهما، لكونه من مذهبهما، وهو ما لا يرتضيه نهج الاجتهاد والرأي - الحاكم على الفقه والحديث آنذاك -!!
فقد أخرج أحمد في مسنده عن عبد الأعلى، قال: صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر خمسا، فقام إليه أبو عيسى - عبد الرحمن بن أبي ليلى - فأخذ بيده، فقال: نسيت؟ قال: لا، ولكني صليت خلف أبي القاسم خليلي فكبر خمسا، فلا أتركها أبدا (1).
وفي كلام زيد بن أرقم إشارة إلى عدم ارتضائه مذهب عبد الرحمن بن أبي ليلى المستمد عن فقه عمر بن الخطاب، لأنه قد أصر على إتيان الخمس رغم أخذ ابن أبي ليلى - فقيه الدولة - بيده وقوله له:
نسيت.
فقال له: لا، ولكني صليت خلف أبي القاسم، خليلي، فكبر خمسا فلا أتركها أبدا.
ففي الجملة الآنفة عدة نكات: أولها: قوله (لا). ثانيها: صليت خلف أبي القاسم. ثالثها: فلا أتركها أبدا، فتأمل جيدا في هذه المقاطع!!
وبعد هذا فلا يصح انتساب الأربع لزيد بن أرقم مع وجود نقل الخمس عنه كذلك!.
ومثل ما نقل عن زيد هو النقل المنسوب إلى ابن عباس، فالمعروف عن الطالبيين هو تكبير هم على الميت خمسا، وعدم ارتضائهم الأربع، إذ جاء في مقاتل