ذيله " هذا وضوء من لم يحدث " وقال بعده: وليس في هذا الحديث عندنا دليل على أن فرض الرجلين هو المسح، لأن فيه أنه قد مسح وجهه، وكان ذلك المسح هو غسل، فقد يحتمل أن يكون مسحه برجله غسلا أيضا ".
ونحن وإن كنا سنبين بطلان دعواه هذه في الجزء الثالث من كتابنا إن شاء الله، لكننا نقول هنا: إن حمل المسح في الوجه واليدين على الغسل، استظهار صارف عن معنى المسح فيهما، بخلاف حمله على ذلك في الرجلين، وهما محل النزاع فيكون ادعاؤه مصادرة صريحة.
تفسير قوله " هذا وضوء من لم يحدث " وردت هذه الجملة في الإسناد الرابع من طرق عبد خير، وكذا في بعض أسانيد النزال بن سبرة، وقد اختلف الأعلام في معناها، فقال بعض: إن المقصود منها هو توضيح حكم الوضوء للمكلفين وأن المسح على القدمين جائز لمن حافظ على الوضوء ولم يحدث حدثا ناقضا له، وأما الذي أحدث بما يوجب الوضوء مرة أخرى من خروج ريح أو بول أو غائط أو نحوها - فوظيفته غسل القدمين لا المسح.
وذهب آخرون إلى أن معناها الإحداث في الدين لما شرحوه في بحوثهم، لكننا قبل ترجيح أحد الرأيين لا بد لنا من الإشارة إلى أن كلمة (يحدث) من المشتركات اللفظية، فيمكن إطلاقها على الناقض للطهارة كما يمكن إطلاقها على الابتداع في الدين، ولا تخالف في الظهور والإطلاق على كل واحد منهما.
فمما يدل على الأول قوله (صلى الله عليه وآله): (لا وضوء إلا من حدث) ونحوها.
وعلى الثاني قوله (صلى الله عليه وآله) (من أحدث في المدينة حدثا فعليه لعنة الله).
وقوله (كل محدثة في الدين بدعة) وغيرها.
وعلى ذلك فإن تعيين أحد المعنيين يستوجب الوقوف على القرائن والشواهد في