تصلوا والشمس مرتفعة (1).
وهذان النصان يخالفان ما ثبت عن ابن عباس وعلي، والمطالع في كتب الفقه والحديث والتاريخ يعلم بأن الاتجاه الفقهي لمدرسة الاجتهاد والرأي كان يسعى لتطبيق ما سن على عهد عمر بن الخطاب.
ولنأخذ موقف معاوية في حكم الصلاة بعد العصر مثلا، كي تتأكد لنا الحقيقة أكثر، أخرج أحمد في مسنده عن أبي النتاج، قال: سمعت حمران بن أبان يحدث عن معاوية أنه رأى ناسا يصلون بعد العصر، فقال: إنكم تصلون صلاة قد صحبنا النبي صلى الله عليه وآله ما رأيناه يصليها ولقد نهى عنها، يعني الركعتين بعد العصر (2).
وأخرج ابن حزم بسنده إلى عبد الله بن الحارث بن وفل قال: صلى بنا معاوية العصر فرأى ناسا يصلون، فقال: ما هذه الصلاة؟ فقالوا: هذه فتيا عبد الله بن الزبير، فجاء عبد الله بن الزبير مع الناس، فقال معاوية: ما هذه الفتيا التي تفتي: أن يصلوا بعد العصر؟ فقال ابن الزبير: حدثتني زوج رسول الله صلى الله عليه وآله أنه صلى بعد العصر.
فأرسل معاوية إلى عائشة، فقالت: هذا حديث ميمونة بنت الحارث، فأرسل إلى ميمونة رسولين، فقالت: إنما حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يجهز جيشا فحبسوه حتى أرهق العصر، فصلى العصر ثم رجع فصلى ما كان يصلي قبلها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى صلاة أو فعل شيئا يحب أن يدوم عليه، فقال ابن الزبير: أليس قد صلى؟ والله لنصليه!
قال علي: ظهرت حجة ابن الزبير فلم يجز عليه الاعتراض (3).
نعم، إن عائشة كانت قد قالت: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله السجدتين بعد العصر عندي قط (4).